ومن ذلك قراءة ابن عباس ومجاهد وابن محيصن: «واستفتحوا» (١).
قال أبو الفتح: هو معطوف على ما سبق من قوله تعالى: {فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ} (٢) أى: قال لهم: استفتحوا، ومعناه استنصروا الله عليهم، واستحكموه بينكم وبينهم، والقاضى اسمه الفتاح. قال الله تعالى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ} (٣)، أى: تستنصروا، فقد جاءكم النصر. وعليه سمّوا الظفر بالعدو فتحا، ومنه الحديث أن النبى صلّى الله عليه وسلّم كان يستفتح بصعاليك المهاجرين (٤): أى يستنصر بهم.
وقال أحمد بن يحيى: أى يقدّمهم ويبدأ أمره بهم، وكأنهم إنما سمّوا القاضى فتّاحا لأنه يفتح باب الحق الذى هو واقف ومنسد، فيصار إليه ويعمل عليه.
ومن ذلك قراءة ابن أبى إسحاق وإبراهيم بن أبى بكير (٥) «فى يوم عاصف» (٦)، بالإضافة.
قال أبو الفتح: هذا على حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، أى فى يوم ريح عاصف، وحسن حذف الموصوف هنا شيئا؛ لأنه قد ألف حذفه فى قراءة الجماعة: {فِي يَوْمٍ عاصِفٍ}.
فإن قيل: فإذا كان «عاصف» قد جرى وصفا على «يوم» فكيف جاز إضافة «يوم»
(١) انظر: (الكشاف ٣٧١/ ٢، العكبرى ٣٧/ ٢، مجمع البيان ٣٠٧/ ٦، البحر المحيط ٤١٢/ ٥، الإتحاف ٢٧١، الرازى ١٠١/ ١٩).
(٢) سورة إبراهيم الآية (١٣).
(٣) سورة الأنفال الآية (١٩).
(٤) انظر: (النهاية فى غريب الحديث ٢٠٤/ ٣).
(٥) فى غيره من المصادر: إبراهيم بن أبى بكر.
(٦) وهى قراءة الحسن. انظر: (الكشاف ٣٧٢/ ٢، القرطبى ٣٥٤/ ٩، مجمع البيان ٣٠٧/ ٦، الرازى ١٠٦/ ١٩، البحر المحيط ٤١٥/ ٥، العكبرى ٣٧/ ٢، مختصر شواذ القراءات ٦٨).