{مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} (٦٠)
ومن ذلك قراءة عبد الله بن مسلم بن يسار: «مجمع البحرين» (١).
قال أبو الفتح: المصدر من فعل يفعل والمكان والزمان كلهن على مفعل بالفتح، كقولك: ذهبت مذهبا؛ أى: ذهابا، ومذهبا؛ أى: مكانا يذهب فيه. وهذا مذهبك؛ أى: زمان ذهابك، وكذلك سأل يسأل مسألا، فهو مصدر ومكان وزمان، وبعث يبعث مبعثا هو مصدر ومكان وزمان. ومنه مبعث الجيوش، هو زمان بعثها، إلا أنه قد جاء المفعل بكسر العين موضع المفتوح، منه: المشرق، والمغرب، والمنسك، والمطلع. وبابه فتح عينه؛ لأنه من يفعل، يشرق، ويغرب، وينسك، ويطلع. فعلى نحو من هذا يكون «مجمع البحرين»، وهو مكان-كما ترى-من جمع يجمع، فقياسه مجمع، لولا ما ذكرنا من الحمل على نظيره.
{جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} (٧٧)
ومن ذلك قراءة النبى صلّى الله عليه وسلّم: «جدارا يريد أن ينقض»، برفع الياء وبالضاد.
وقرأ: «ينقاص» بالصاد غير معجمة، وبالألف-علىّ بن أبى طالب وعكرمة وأبو شيخ الهنائىّ ويحيى بن يعمر.
وفى قراءة عبد الله: «يريد لينقض»، وكذلك روى عن الأعمش.
قال أبو الفتح: معناه: قد قارب أن ينقض، أو شارف ذلك. وهو عائد إلى معنى يكاد، وقد جاء ذلك عنهم. أنشد أبو الحسن:
كادت وكدت وتلك خير إرادة … لو عاد من لهو الصّبابة ما مضى (٢)
وحسن هنا لفظ الإرادة لأنه أقوى فى وقوع الفعل؛ وذلك لأنها داعية إلى وقوعه، وهى أيضا لا تصح إلا مع الحياة، ولا يصح الفعل إلا لذى الحياة. وليس كذلك كاد؛ لأنه قد يقارب الأمر ما لا حياة فيه، نحو مميل الحائط وإشراق ضوء الفجر، فاعرف ذلك.
و «ينقاص» مطاوع قصته فانقاص؛ أى: كسرته فانكسر. قال (٣):
(١) وقراءة الضحاك. انظر: (الفراء ١٤٨/ ٢، الكشاف ٤٩٠/ ٢، البحر المحيط ١٤٤/ ٦، العكبرى ٥٨/ ٢).
(٢) انظر: لسان العرب «كيد».
(٣) لأبى ذؤيب الهذلى من قصيدته التى مطلعها: أمن آل ليلى بالضجوع وأهلنا بنعف قوى والصفية عير انظر: (ديوان الهذليين ١٣٧/ ١).