حذفت للتخفيف فى أصل الكلمة «ترأين»، فحذفت الهمزة، وألقيت حركتها على الراء فصارت «ترين»، فالهمزة الأصلية إذا محذوفة، وغير هذه الملفوظ بها.
وأما قراءة طلحة: «فإمّا ترين» فشاذة، ولست أقول إنها لحن لثبات علم الرفع، وهو النون فى حال الجزم، لكن تلك لغة: أن تثبت هذه النون فى الجزم، وأنشد أبو الحسن:
لولا فوارس من قيس وأسرتهم … يوم الصّليفاء لم يوفون بالجار (١)
كذا أنشده «يوفون» بالنون، وقد يجوز أن يكون على تشبيه «لم» بلا.
***
{وَبَرًّا} (٣٢)
ومن ذلك قراءة أبى نهيك وأبى مجلز: «وبرّا» (٢)، بكسر الباء.
قال أبو الفتح: هو معطوف على موضع الجار والمجرور من قوله: {وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ} (٣)، كأنه قال: وألزمنى برّا، وأشعرنى برّا بوالدتى؛ لأنه إذا أوصاه به، فقد ألزمه إياه. وعليه بيت الكتاب:
يذهبن فى نجد وغورا غائرا
أى: ويسلكن غورا، وبيته أيضا (٤):
فإن لم تجد من دون عدنان والدا … ودون معدّ فلتزعك العواذل (٥)
عطف «دون» الثانية على موضع «من دون» الأولى، ونظائره كثيرة جدا. وإن شئت
(١) انظر: لسان العرب «صلف».
(٢) وقراءة الحسن، وأبى جعفر. انظر: (الإتحاف ٢٩٨، الكشاف ٥٠٨/ ٢، البحر المحيط ١٧٧/ ٦، ١٧٨، مجمع البيان ٥١٣/ ٦).
(٣) سورة مريم الآية (٣١).
(٤) هو للبيد من قصيدة فى رثاء النعمان بن المنذر. انظر: (ديوانه ٢٥٥، الكتاب ٦٨/ ١، خزانة الأدب ٣٣٩/ ١، شرح شواهد المغنى ٢٩٣/ ٥٥)، وقبله: فإن أنت لم تصدقك نفسك فانتسب لعلك تهديك القرون الأوائل
(٥) يقول: انتسب إلى عدنان أو معد، فإن لم تجد من بينك وبينهما من الآباء باقيا فأعلم أن مصيرك مصيرهم، فوجب أن تنزع عما أنت عليه. تزعك: تكفك. وأراد بالعواذل ما يزعه ويكفه من حوادث الدهر وزواجره. وأصل العذل: اللوم. وفى البيت حمل «دون الأخرى على موضع الأولى، إذا «من» قبل الأولى زائدة.