أى: كرهتنى، فنبت بى، وهزّتنى بالزاى تصحيف عندهم، ومثله: حب الشئ يحبّه بكسر الحاء ألبتة، ولم يضموها، وغذّ العرق الدم يغذّه ويغذّه، ونمّ الحديث ينمّه وينمّه، وشد الحبل يشدّه ويشدّه، فى أحرف سوى هذه، وكذلك يكون «أهشّ» كقراءة من قرأ: «أهشّ»، بضم الهاء، وبالشين معجمة.
وأما «أهسّ» بالسين غير معجمة فمعناه أسوق: رجل هسّاس، أى: سوّاق.
فإن قلت: فكيف قال: «أهسّ بها على غنمى؟»، وهلاّ قال: أهسّ بها غنمى، كقولك: أسوق بها غنمى؟.
قيل: لمّا دخل السّوق معنى الانتحاء لها والمميل بها عليها استعمل معها «على»، حملا على المعنى، وقد ذكرنا من هذا فيما مضى صدرا صالحا، ومن ذلك قولهم: كفى بالله، أى كفى الله، إلا أنهم زادوا الباء حملا على معناه، إذ كان فى معنى اكتف بالله، ولذلك قالوا: حسبك به لمّا دخله معنى اكتف به، ولذلك أيضا حذفوا خبره فى قولهم: حسبك لمّا دخله معنى اكتف، والفعل لا يخبر عنه، ونظائره كثيرة جدا.
***
{وَلِتُصْنَعَ عَلى} (٣٩)
ومن ذلك قراءة أبى جعفر يزيد: «ولتصنع على» (١) بجزم اللام والعين.
وقرأ: «ولتصنع»، بفتح التاء والعين، وكسر اللام-أبو نهيك.
قال أبو الفتح: ليس دخول لام الأمر هنا كدخولها فى قراءة النبى صلّى الله عليه وسلّم وغيره ممن قرأها معه: «فبذلك فلتفرحوا» (٢) بالتاء، وفرق بينهما أن المأمور فى «فلتفرحوا» مخاطب، وعرف ذلك وعادته أن يحذف حرف المضارعة فيه، كقولنا: قم، واقعد، وخذ، وسر، وبع. وأما «ولتصنع» فإن المأمور غائب غير مخاطب، فإنما هو كقولنا: ولتعن بحاجتى، ولتوضع فى تجارتك؛ لأن العانى بها والواضع فيها غيرهما، وهما المخاطبان، فهذا كقولك: ليضرب زيد ولتضرب هند.
(١) وقراءة شيبة. انظر: (الإتحاف ٣٠٣، السبعة ٤٢٦، النشر ٣٢٠/ ٢، الكشف ١٠٩/ ٢، غيث النفع ٢٨٧، القرطبى ١٩٧/ ١١، الكشاف ٥٣٦/ ٢، البحر المحيط ٢٤٢/ ٦، تحبير التيسير ١٤٠، الرازى ٥٤/ ٢٢).
(٢) سورة يونس الآية (٥٨)، وهى قراءة أبى، وأنس، رضى الله عنهما. انظر: (الإتحاف ١٥٢).