{سامِراً تَهْجُرُونَ} (٦٧)
ومن ذلك قراءة ابن مسعود وابن عباس وعكرمة: «سمّرا يهجّرون» (١).
وروى عن ابن محيصن: «سمّرا يهجرون».
قال أبو الفتح: السمّر جمع سامر، والسامر: القوم يسمرون؛ أى: يتحدثون ليلا. قال ذو الرمة (٢):
وكم عرّست بعد السّرى من معرّس … به من عزيف الجنّ أصوات سامر
وروينا عن قطرب أن السامر قد يكون واحدا وجماعة وأما «يهجرون»، بسكون الهاء، وضم الياء فتفسيره: يفحشون القول، ويقال: هجر الرجل فى منطقه إذا: هذى، وأهجر: أفحش. قال الشماخ:
كما جدة الأعراق قال ابن ضرّة … عليها كلاما جار فيه وأهجرا (٣)
وقال الحسن فى «تهجرون»؛ أى: تهجرون كتابى نبي. وأما «تهجّرون» (٤) فينبغى والله أعلم أن يكون تكثرون من الهجر، وهو الهذيان، أو هجر النبى صلّى الله عليه وسلّم وكتاب الله، أو تكثرون من الإهجار، وهو إفحاش القول؛ لأن فعّل تأتى للتكثير.
وروينا عن أبى حاتم قال: قرأ: «سمّارا» أبو رجاء (٥)، فهذا ككاتب وكتّاب، وشارب وشرّاب. ولو ذهب ذاهب إلى أن معنى «تهجّرون»، أى: تكثرون من الهذيان حتى تكونوا-وأنتم فى سواد الليل لقلة احتشامكم لظهور ذاك عليكم-كأنكم مهجّرون؛ أى: مبادون به غير مسايرين له، كالذى يهجّر فى مسيره؛ أى: يسير فى الهاجرة، فهذا كقولك لصاحبك: أنت مساترا معلن، وأنت محسنا مسئ، أى: أنت فى حال مساترتك معلن، وأنت فى حال إحسانك عندى مسئ-لكان وجها.
***
&
(١) قراءة أبى عمرو، وابن محيصن، ومحبوب، وابن مسعود، وابن عباس، وأبى حيوة، وعكرمة، والزعفرانى. انظر: (الإتحاف ٣١٦، البحر المحيط ٤١٣/ ٦، الكشاف ٣٦/ ٣، مجمع البيان ١١٤/ ٧).
(٢) انظر: (ديوانه ٢٩٢).
(٣) انظر: لسان العرب «هجر».
(٤) وهى قراءة رويت عن ابن مسعود، وابن عباس، وزيد بن على، وعكرمة، وأبى نهيك، وابن محيصن، وأبى حيوة. انظر: (البحر المحيط ٤١٣/ ٦، العكبرى ٨٢/ ٢).
(٥) وهى قراءة ابن عباس، وزيد بن على، وأبى نهيك. انظر: (الكشاف ٣٦/ ٣ مجمع البيان ١١١/ ٧، البحر المحيط ٤١٣/ ٦).