أصبحت لا أحمل السّلاح ولا … أملك رأس البعير إن نفرا
والذئب أخشاه إن مررت به … وحدى وأخشى الرّياح والمطرا (١)
أى: وأخشى الذئب، فلما أضمره فسره بقوله: أخشاه.
والآخر: أن يكون الفعل الناصب ل «سورة» من غير لفظ الفعل بعدها، لكنه على معنى التحضيض، أى: اقرءوا سورة، أو تأملوا وتدبروا سورة أنزلناها، كما قال تعالى: {فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها} (٢)، أى: احفظوا ناقة الله. ويؤنس بإضمار ذلك ظهوره فى قوله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها} (٣). فإذا كان تقديره هذا فقوله: {أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها} إلى آخر ذلك، منصوب الموضع لكونه صفة ل «سورة». وإذا جعلت «أنزلناها» تفسيرا للفعل الناصب المضمر فلا موضع له من الإعراب أصلا، كما أنه لا موضع من الإعراب لقوله: أنزلنا سورة؛ لأنه لم يقع موقع المفرد، وهذا واضح.
وأما قراءة الجماعة {سُورَةٌ،} بالرفع فمرفوعة بالابتداء، أى: فيما ينزل إليكم وما يتلى عليكم سورة من أمرها كذا، فالجملة بعدها إذا فى موضع رفع؛ لأنها صفة ل «سورة».
***
{الزّانِيَةُ وَالزّانِي} (٢)
ومن ذلك قراءة عيسى الثقفى: «الزانية والزانى» (٤)، بالنصب.
قال أبو الفتح: وهذا منصوب بفعل مضمر أيضا، أى: اجلدوا الزانية والزانى، فلما أضمر الفعل الناصب فسره بقوله: {فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ}. وجاز
(١) يصف انتهاء شبيبته وذهاب قوته؛ فلا يطيق حمل السلاح لحرب، وأنه لا يملك رأس البعير إن نفر من شئ، وإذا خلا بالذئب خشيه على نفسه ولا يحتمل العواصف وبردها وأذى المطر لذلك. ويروى: «أن يقرا» من الوقار، أى لا يملك توقير بعيره عند النفار. والرأس هو الموضع الذى يملكه منه ويحاول تسكينه.
(٢) سورة الشمس الآية (١٣).
(٣) سورة محمد الآية (٢٤).
(٤) وقراءة يحيى بن يعمر، وعمرو بن فائد، وأبى جعفر، وشيبة، وأبى السمال، ورويس. انظر: (النحاس ٤٣١/ ٢، شرح الكافية ١٧٨/ ١، البحر المحيط ٤٢٧/ ٦، القرطبى ١٥٩/ ١٢، الكشاف ٤٧/ ٣، مجمع البيان ١٢٣/ ٧، الرازى ١٣٠/ ٢٣).