وقرأ: «أن لعنة الله» رفع وخفف النون، و «أنّ غضب الله» نصب-يعقوب.
قال أبو الفتح: أما من خفف ورفع فإنها عنده مخففة من الثقيلة وفيها إضمار محذوف للتخفيف، أى: أنّه لعنة الله عليه وأنّه غضب الله عليها، فلما خففت أضمر اسمها وحذف، ولم يكن من إضماره بدّ؛ لأن المفتوحة إذا خففت لم تصر بالتخفيف حرف ابتداء، إنما تلك «إن» المكسورة، وعليه قول الشاعر:
فى فتية كسيوف الهند قد علموا … أن هالك كلّ من يخفى وينتعل (١)
أى: أنه هالك كل من يحفى وينتعل.
وسبب ذلك أن اتصال المكسورة باسمها وخبرها اتصال بالمعمول فيه، واتصال المفتوحة باسمها وخبرها اتصالان: أحدهما اتصال العامل بالمعمول، والآخر اتصال الصلة بالموصول.
ألا ترى أن ما بعد المفتوحة صلة لها؟ فلما قوى مع الفتح اتصال «أن» بما بعدها لم يكن لها بد من اسم مقدر محذوف تعمل فيه، ولما ضعف اتصال المكسورة بما بعدها جاز إذا خففت أن تفارق العمل وتخلص حرف ابتداء، ولا يجوز أن تكون «أن» هنا بمنزلة أى للعبارة، كالتى فى قول سبحانه: {وَاِنْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ اِمْشُوا} (٢)، معناه أى: امشوا. قال سيبويه: لأنها لا تأتى إلاّ بعد كلام تام، وقوله: {وَاِنْطَلَقَ الْمَلَأُ} كلام تام، وليست «الخامسة» وحدها كلاما تاما فتكون «أن» بمعنى أى، ولا تكون «أن» هنا زائدة كالتى فى قوله:
ويوما توافينا بوجه مقسّم … كأن ظبية تعطوالى وارق السّلم (٣)
لأن معناه: «والخامسة» أن الحال كذلك، يدل على ذلك قراءة الكافة: {أَنْ لَعْنَةُ اللهِ} و {أَنَّ غَضَبَ اللهِ}.
***
{كِبْرَهُ} (١١)
ومن ذلك قراءة أبى رجاء وحميد ويعقوب وسفيان الثورى وعمرة بنت
(١) سبق الاستشهاد به.
(٢) سورة ص الآية (٦).
(٣) سبق الاستشهاد به فى (٤٢٩/ ١).