ومثله فى القلب قراءة من قرأ «قدّروها تقديرا» (*١)، أى: قدّرت لهم، والقلب باب، وشواهده كثيرة، منها قولهم:
مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت … نجران أو بلغت سوءاتهم هجر
أراد: وبلغت سوءاتهم هجرا، ومثله قولهم:
أسلموها فى دمشق كما … أسلمت وحشيّة وهقا (١)
أى: كما أسلم وهق وحشية، ومنه قوله:
ما أمسك الحبل حافره
أى: ما أمسك الحبل حافره.
وليس ممتنعا أن يكون قوله: «اكتتبها» كتبها وإن لم يل ذلك بيده، إلا أنه لما كان عن رأيه أو أمره نسب ذلك إليه، كقولنا: ضرب الأمير اللص وإن لم يله بيده. وفى الحديث: «من اكتتب ضمنا كان له كذا»، أى: زمنا، يعنى كتب اسمه فى الفرض.
فعلى هذا يكون «اكتتبها» أى: اكتتبت له.
***
{وَيَجْعَلْ لَكَ} (١٠)
ومن ذلك قراءة عبيد الله بن موسى وطلحة بن سليمان: «ويجعل لك»، بالنصب (٢).
قال أبو الفتح: نصبه على أنه جواب الجزاء بالواو، كقولك: إن تأتنى آتك وأحسن إليك. وجازت إجابته بالنصب لما لم يكن واجبا إلا بوقوع الشرط من قبله، وليس قويا مع ذلك، ألا تراه بمعنى قولك أفعل كذا إن شاء الله؟.
***
{يَحْشُرُهُمْ} (١٧)
ومن ذلك قراءة الأعرج: «نحشرهم»، بكسر الشين (٣).
= سورة الإنسان الآية (١٦)، وهى قراءة على بن أبى طالب، وعبد الله بن عباس، والسلمى، والشعبى. انظر: (البحر المحيط ٣٩٧/ ٨).
(١) انظر: (ديوان الحطيئة ١٨٧).
(٢) انظر: (الفراء ٢٦٣/ ٢، الكشاف ٨٣/ ٣، البحر المحيط ٤٨٤/ ٦).
(٣) انظر: (الكشاف ٨٤/ ٣، الرازى ٦١/ ٢٤، البحر المحيط ٤٨٨/ ٦).