قال أبو الفتح: أما إذا ضمت النون فإن قوله: {مِنْ أَوْلِياءَ} فى موضع الحال؛ أى: ما كان ينبغى لنا أن نتّخذ من دونك أولياء، ودخلت «من» زائدة لمكان النفى، كقولك: اتخذت زيدا وكيلا، فإن نفيت قلت: ما اتخذت زيدا من وكيل. وكذلك أعطيته درهما، وما أعطيته من درهم، وهذا فى المفعول.
وأما فى قراءة الجماعة: {ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ} فإن قوله «من أولياء» فى موضع المفعول به؛ أى: أولياء. فهو كقولك: ضربت رجلا، فإن نفيت قلت: ما ضربت من رجل.
وقوله: «ما كان ينبغى لنا أن نتّخذ» أى: لسنا ندّعى استحقاق الولاء ولا العبادة لنا.
***
{وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ} (٢٠)
ومن ذلك قراءة علىّ عليه السلام وعبد الرحمن بن عبد الله: «ويمشّون فى الأسواق» (*١)، بضم الياء، وفتح الشين مشددة.
قال أبو الفتح: «يمشّون» كقولك: يدعون إلى المشى، ويحملهم حامل إلى المشى، وجاء على فعّل لتكثير فعلهم؛ إذ هم عليه السلام جماعة. ولو كانت «يمشّون» بضم الشين لكانت أوفق لقوله تعالى: {لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ،} إلا أن معناه يكثرون المشى كما قال (١):
يمشّى بيننا حانوت خمر … من الخرس الصّراصرة القطاط (٢)
***
&
= وقراءة ابن مسعود، وابن عوف. انظر: (الكشاف ٨٧/ ٣، الرازى ٦٥/ ٢٤، القرطبى ١٣/ ١٣، البحر المحيط ٤٩٠/ ٦).
(١) من قصيدة للمتنخل الهذلى، مطلعها: عرفت بأجداث فنعاف عرق علامات كتجير النماط انظر: (ديوان الهذليين ١٨/ ٢).
(٢) ديوان الهذليين ٢١/ ٢، يقول: يمشى بيننا صاحب حانوت من خمر، وقوله: من الخرس الصراصرة يريد أعجم من نبط الشام يقال لهم الصراصرة. والقطاط: الجعاد، والواحد قطط وهو أشد الجعودة.