وقرأ: «قرعا» (١) بالقاف والراء-ابن عباس.
وحكى قطرب عن بعض أصحاب النبى صلّى الله عليه وسلّم: «فرغا» (٢).
وحكى فيها أيضا: «مؤسى»، بالهمز.
قال أبو الفتح: أما «فزعا» بالفاء والزاى فمعناه قلقا، يكاد يخرج من غلافه فينكشف ومنه قول الله تعالى: {حَتّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} (٣)، أى: كشف عنها.
وأما «قرعا» بالقاف والراء فراجع إلى معنى فارغا، وذلك أن الرأس الأقرع هو الخالى من الشعر، وإذا خلا من الشئ فقد انكشف منه وعنه.
وأما «فرغا» فكقولك: هدرا وباطلا، يؤكد ذلك كله قوله تعالى: {إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} (*١). قال:
فإن تك أذواد أصبن ونسوة … فلن تذهبوا فرغا (*٢) بقتل حبال
ومعنى فارغا، أى: خاليا من الحزن؛ لعلمها أنه لا يغرق، وقال ابن عباس: فارغا أى: خاليا من كل شئ إلاّ من ذكر موسى.
وأما همز «موسى» ففيه صنعة تصريفية؛ وذلك أن الساكن إذا جاور المتحرك فكثيرا ما تقدّر العرب أن تلك الحركة كأنها فى الساكن، فكأن ضمة «موسى» فى الواو، والواو إذا انضمت ضما لازما فهمزها جائز، كأعد وأجوه. وكذلك أيضا قولهم فى المرأة والكمأة: المرأة والكماة، فقلبوا الهمزة ألفا؛ لأنهم قدّروا فتحة الهمزة فى الراء والميم قبلها، فصار كأنه المرأة والكمأة، فقيل فيه: مراة وكماة، كما يقال فى تخفيف رأس وكأس: راس وكاس، ومنه أيضا قول بعضهم فى الوقف: هذا بكر ومررت ببكر، فنقلوا الضمة والكسرة إلى الساكن قبل الراء، وهو الكاف. فكأن الراء محركة بحركة الكاف لأنها تجاورها، ففى ذلك شيئان:
أحدهما: الشح على حركة الإعراب أن يستهلكها الوقف.
والآخر: الاستراحة من اجتماع ساكنين، وهذا ونحوه-مما تركناه تحاميا للإطالة به-
(١) انظر: (القرطبى ٢٥٥/ ١٣، الكشاف ١٦٧/ ٣، مجمع البيان ٢٤٠/ ٧، البحر المحيط ١٠٧/ ٧).
(٢) انظر: (القرطبى ٢٥٥/ ١٣، الرازى ٢٣٠/ ٢٤، العكبرى ٩٥/ ٢،٩٦، مجمع البيان ٢٤٠/ ٧).
(٣) سورة سبأ الآية (٣٤).
(*١) سورة القصص الآية (١٠).
(*٢) انظر: لسان العرب «فرغ».