{يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ} (١٦)
ومن ذلك قراءة عبد الكريم الجزرىّ: «فتكن فى صخرة» (١)، بكسر الكاف.
قال أبو الفتح هذا من قولهم: وكن الطائر: إذا استقر فى وكنته، وهى مقره ليلا، وهى أيضا عشه الذى يبيض فيه، ووكره. ومنه قوله (٢):
وقد أغتدى (٣) … والطّير فى وكناتها.
وقد وكن يكن وكونا فهو واكن، وجمعه وكون، كقاعد وقعود. قال:
يذكّرنى سلمى وقد حال دونها … حمام على بيضاتهنّ وكون (٤)
وكأنه من مقلوب الكون؛ لأن الكون الاستقرار، وعليه قالوا: قد تكوّن فى منزله واستقر.
***
{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً} (٢٠)
ومن ذلك قراءة يحيى بن عمارة: «وأصبغ (٥)» عليكم نعمته ظاهرة وباطنة» (٦).
قال أبو الفتح: أصله السين، إلا أنها أبدلت للغين بعدها صادا، كما قالوا فى سالغ:
&
(١) وقراءة قتادة. انظر: (الكشاف ٢٣٣/ ٣، التبيان ٢٥١/ ٨، مجمع البيان ٣١٨/ ٨، البحر المحيط ١٨٧/ ٧).
(٢) امرئ القيس فى معلقته الشهيرة، وعجزه: «بمنجرد قيد الأوابد هيكل». انظر: (ديوانه ٥١).
(٣) غدا يغدوا غدوا، واغتدى اغتداء واحد، الطير: جمع طائر مثل الشرب فى جمع شارب والتجر فى جمع تاجر والركب فى جمع راكب، ثم يجمع على الطيور مثل بيت وبيوت وشيخ وشيوخ. الوكنات: مواقع الطير، واحدتها وكنة، وتقلب الواو همزة فيقال: أكنة، ثم تجمع الوكنة على الوكنات، بضم الفاء والعين، وعلى الوكنات، بضم الفاء وفتح العين، وعلى الوكنات: بضم الفاء وسكون العين، وتكسر على الوكن، وهكذا حكم فعله نحوه ظلمة وظلمات وظلمات وظلمات وظلم.
(٤) ورد فى أساس البلاغة «وكن»: تذكرنى سلمى وقد حال دونها حمام على بيضاتهن وكون يقال: الطير فى وكناتها: فى أعشاشها ومواقعها، والطائر على وكنه وموكنه، ووكنه ووكن على بيضه وكونا، وهو واكن وحمائم وكون وواكنات. انظر: أساس البلاغة «وكن».
(٥) وقراءة ابن عباس. انظر: (القرطبى ٧٣/ ١٤، الكشاف ٢٣٤/ ٣، مجمع البيان ٣١٨/ ٨).
(٦) انظر: (الكشاف ٢٣٤/ ٣).