{يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ} (٢٠)
ومن ذلك قراءة ابن عباس: «بدّى فى الأعراب»، شديدة الدال، منونة.
قال أبو الفتح: هذا أيضا جمع باد، فنظيره قول الله سبحانه: {أَوْ كانُوا غُزًّى} (١)، جمع غاز على فعّل. ولو كان على فعّال لكان بدّاء وغزاء، ككاتب وكتاب، وضارب وضرّاب أنشد الأصمعى:
وأنا فى الضّرّاب قيلان القله (٢) …
***
{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها} (١٤)
ومن ذلك قراءة الحسن: «ثم سولوا الفتنة» (٣)، مرفوعة السين، ولا يجعل فيها ياء، ولا يمدها.
قال أبو الفتح: اعلم أن فى سألت لغتين:
إحداهما: سأل يسأل مهموزا، كدأل يدأل، وجأر يجأر.
والأخرى: وهى سال يسال، كخاف يخاف. والعين من هذه اللغة واو؛ لما حكاه أبو زيد من قوله: هما يتساولان، كقولك: يتقاومان، ويتقاولان.
والذى ينبغى أن تحمل عليه هذه القراءة هو أن تكون على لغة من قال: سال يسال، كخاف يخاف، ومال يمال: إذا كثر ماله. وأقيس اللغات فى هذا أن يقال عند إسناد الفعل إلى المفعول: سيلوا كعيدوا، ومثل قيل، وبيع، وسير به. ولغة أخرى هنا وهى إشمام كسرة الفاء ضمة، فيقال: سيلوا، كقيل وبيع. واللغة الثالثة سولوا، كقولهم: قول، وبوع، وقد سور به. وهو على إخلاص ضمة فعل، إلا أنه أقل اللغات. وروينا عن محمد بن الحسن قول الشاعر:
وابتذلت غضبى وأمّ الرّحال … وقول لا أهل له ولا مال (٤)
أى: وقيل وروينا أيضا:
(١) سورة آل عمران الآية (١٥٦).
(٢) انظر: (الخصائص ٧/ ١).
(٣) انظر: (الإتحاف ٣٥٤، مجمع البيان ٣٤٥/ ٨، البحر المحيط ٢١٨/ ٧،٢١٩).
(٤) سبق الاستشهاد به فى (١٧/ ١).