لكنها بينى وبين الحق والحمد لله.
وقد سمع ابن جنى من عرب عقيل، ونقل عمن يثق بعربيته منهم إلى المحتسب وغيره، كما فعل سيبويه من قبل. فتراه يقول فى المحتسب مثلا: حضرنى قديما بالموصل أعرابى عقيلى، أو رأيت كثيرا من عقيل لا أحصيهم، أو سمعت غلاما حدثا من عقيل. . . وهكذا.
ويبدو أن سبب اختصاصه بنى عقيل بالأخذ والرواية أنهم كانوا بالكوفة والبلاد الفراتية والجزيرة والموصل، هاجروا إليها بعد ما غلبوا على مساكنهم فى البحرين.
وأفاد ابن جنى فى الاحتجاج للشواذ من لهجات القبائل، يرجع إليها ويخرّج على مقتضاها، ولهذا ورد فى المحتسب كثير منها.
ويذكر ابن جنى فى المحتسب طائفة من أصول العربية وقواعدها العامة من لغوية ونحوية وعروضية، دعته دواعى الاحتجاج وتأييد الرأى إلى إيرادها فى مواطن شتى من الكتاب من مثل: العرب إذا نطقت بالأعجمى خلطت فيه.
ويجوز مع طول الكلام ما لا يجوز مع قصره ووقوع الواحد موقع الجماعة فاش فى اللغة، والخطاب بالتاء أذهب فى قوة الخطاب، والقوافى حوافر الشعر، وتشبع العرب مدات التأسيس والردف والوصل والخروج عناية بالقافية، إذا كانت للشعر نظاما، وللبيت اختتاما والأمثال تجرى مجرى المنظوم فى تحمل الضرورة.
وفى الكتاب كذلك عرض لبعض مسائل البلاغة، ففى الاحتجاج لقراءة ابن عباس: «إنى أرانى أعصر عنبا» كلام عن بعض صور المجاز المرسل.
وفى الاحتجاج لقراءة: «وعلم آدم الأسماء كلها»، كلام عن نظم الأسلوب وعلاقته بإرادة ناظمه.
***
منهج التحقيق
وقد اعتمدنا فى تحقيقنا لهذا الكتاب الجليل فى فرعه على نسختين:
الأولى: نسخة دار الكتب المصرية المحفوظة برقم ٧٨/قراءات، والتى يرجع تاريخها إلى سنة ٥٢٨ هـ، وتقع فى ١٦٩ ورقة، وهى ممهورة بتوقيع غير مكتمل: «عبد. . . أحمد بن محمد» والذى يرجح أن يكون اسم الناسخ، وتفتتح النسخة بالآتى:
«قرأ علىّ هذا الكتاب الفقيه الأجل العالم البرّ عبد الله محمد بن الحسن بن محمد بن سعيد الدانى المقرئ حرسه الله من هذا الفرع وأنا أنظر فى أصل كتاب أبى الحسن نصر بن عبد العزيز بن نوح الشيرازى الذى عليه خط على بن زيد القاسانى بسماعه، وكان يرويه عن مؤلفه أبى الفتح. . .».
وأما نسختنا الأخرى التى اعتمدناها فى التحقيق، فهى محفوظة-أيضا-بدار الكتب المصرية تحت رقم ٢٥٢/قراءات، ويرجع تاريخها إلى سنة ١٣٣٥ هـ، ومنسوخة بمعرفة