أيديهم ولتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ما نختم على أفواههم، كقولك: أحسنت إليك ولشكرك ما أحسنت إليك، وأنلتك سؤلك ولمسألتك ما أنلتك سؤلك، كما قال:
أحببتها ولحينى كان حبّيها … هل أنت يا سعد يوما مّا ملاقيها؟
ومن ذهب إلى زيادة الواو نحو قول الله سبحانه: {حَتّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} (١) جاز أن يذهب إلى مثل ذلك فى هذا الموضع، فكأنه اليوم نختم على أفواههم لتكلّمنا أيديهم.
فأما الواو فى قوله تعالى: «ولتشهد» فعطف على ما قبلها، وهو «لتكلّمنا»، وعلى أن زيادة الواو لا يعرفها البصريون وإنما هو للكوفيين خاصة.
ومن ذلك قراءة الحسن والأعمش: «ركوبهم» (٢)، برفع الراء وقرأ: «ركوبتهم» (٣) عائشة وأبى بن كعب.
قال أبو الفتح: أما الرّكوب، بضم الراء فمصدر، والكلام محمول على حذف المضاف مقدما أو مؤخرا.
فإن شئت كان التقدير فيها: ذو ركوبهم، وذو الركوب هنا هو الركوب، فيرجع المعنى بعد إلى معنى قراءة من قرأ: «ركوبهم»، بفتح الراء، و «ركوبتهم».
وإن شئت كان التقدير: فمن منافعها أو من أعراضها ركوبهم، كما تقول لصاحبك: من منافعك إعطاؤك لى، ومن بركاتك وصول الخير إلىّ على يدك. ومثله فى تقدير حذف المضاف من جهتين، أىّ الجهتين شئت، قول الله سبحانه: {وَلكِنَّ}
(١) سورة الزمر الآية (٧٣).
(٢) وقراءة المطوعى، وأبى البرهسم، وابن السميفع. انظر: (القرطبى ٥٦/ ١٥، الكشاف ٣٣٠/ ٢، النحاس ٧٣٤/ ٢، الإتحاف ٣٦٧، البحر المحيط ٣٤٧/ ٧).
(٣) وقراءة عروة، وهشام بن عروة. انظر: (البحر المحيط ٣٤٧/ ٧، الفراء ٣٨١/ ٢، مجمع البيان ٤٣٣/ ٨، التبيان ٤٣٦/ ٨، القرطبى ٥٦/ ١٥، الكشاف ٣٣٠/ ٣، العكبرى ١١٠/ ٢، النحاس ٧٣٤/ ٢).