قال أبو الفتح: قد كثر عنهم مجئ الصفة على فعيل وفعال-بالتخفيف-وفعّال، بالتشديد قالوا: رجل وضئ ووضّاء، وأنشدوا (١):
والمرء يلحقه بفتيان النّدى … خلق الكريم وليس بالوضّاء
أى: ليس بالوضئ وقال:
نحن بذلنا دونها الضّرابا … إنا وجدنا ماءها طيّابا (٢)
وقال:
جاءوا بصيد عجب من العجب … أزيرق العين وطوّال الذّنب
ومثله: رجل كريم، وكرام وكرّام. وزادوا مبالغة فيه بإلحاق التاء، فقالوا: كرّامة.
والشواهد كثيرة، إلاّ أنه كتاب سئلنا اختصاره؛ لئلا يطول على كاتبه، فأوجبت الحال الإجابة إلى ذلك.
***
{وَلا تُشْطِطْ} (٢٢)
ومن ذلك قراءة أبى رجاء وقتادة: «ولا تشطط» (٣)، بفتح التاء، وضم الطاء.
قال أبو الفتح: يقال: شطّ يشطّ، ويشط: إذا بعد، وأشطّ: إذا أبعد. وعليه قراءة العامة: {وَلا تُشْطِطْ،} أى: ولا تبعد، وهو من الشّطّ، وهو الجانب، فمعناه أخذ جانب الشئ وترك وسطه وأقربه، كما قيل: تجاوز، وهو من الجيزة، وهى جانب الوادى، وكما قيل: تعدّى، وهو من عدوة الوادى، أى: جانبه. قال عنترة (٤):
شطّت مزار العاشقين فأصبحت … عسرا علىّ طلابك ابنة مخرم
أى: بعدت عن مزار العاشقين. وكما بالغ فى ذكر استضراره خاطبها بذلك؛ لأنه أبلغ، فعدل على لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب، فقال: طلابك، فافهم ذلك، فإنه ليس الغرض فيه وفى نحوه السعة فى القول، لكن تحت ذلك ونظيره أغراض من هذا النحو، فتفطن لها.
***
(١) لصدقة الدبيرى. انظر: (الخصائص ٢٦٨/ ٣، لسان العرب «وضأ»).
(٢) لسان العرب «طيب» وفيه: «نحن وجدنا دونها الضرابا».
(٣) وقراءة، ابن أبى عبلة، والحسن، وأبى حيوة. انظر: (الكشاف ٣٦٨/ ٣، البحر المحيط ٣٩٢/ ٧، النحاس ٧٩١/ ٢).
(٤) من معلقته المشهورة، وصدره فيها: «حلت بأرض الزائرين فأصبحت». انظر: (ديوانه ١٦).