{فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} (٣٥)
ومن ذلك: «فلا تهنوا وتدّعوا إلى السّلم»، بالتشديد. (١) قرأ بها السّلمى.
قال أبو الفتح: معنى تدّعوا هنا، أى: تنسبوا إلى السلم، كقولك: فلان يدّعى إلى بنى فلان، أى: ينتسب إليهم، ويحمل نفسه عليهم. وإلى هذا يرجع معنى قوله:
فما برحت خيل تثوب وتدّعى (٢) …
فأما قوله (٣):
فلا وأبيك ابنة العامرىّ … لا يدّعى القوم أنّى أفر
فإنه من الدعوى المستعملة فى المعاملات، المحوجة إلى البيّنة. وقد يمكن رجوعها أيضا إلى معنى الانتساب، أى: لا ينسبوننى إلى الفرار. وما أقرب أطراف هذه اللغة على ظاهر بعدها وأشدّ تلاقيها مع مظنون تنافيها!.
***
{وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ} (٣٧)
ومن ذلك ما رواه الحلوانىّ عن أبى معمر، عن عبد الوارث، عن أبى عمرو: «ويخرج أضغانكم»، مرفوعة الجيم (٤).
قال أبو الفتح: هو على القطع تقديره: «إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا»، تم الكلام هنا، ثم استانف فقال: وهو «يخرج أضغانكم» على كل حال، أى: هذا مما يصح منه، فاحذروه أن يتم منه عليكم، فهو راجع بالمعنى إلى معنى الجزم.
وهذا كقولك: إذا زرتنى فأنا ممن يحسن إليك، أى: فحرّى بى أن أحسن إليك. ولو جاء بالفعل مصارحا به فقال: إذا زرتنى أحسنت إليك لم يكن فى لفظه ذكر عادته
(١) وقراءة على بن أبى طالب. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٤١، الكشاف ٥٣٩/ ٣، البحر المحيط ٨٥/ ٨).
(٢) انظر: (الأصمعيات ١٦١، وقد نسبه ليزيد بن الصعق).
(٣) لامرئ القيس من قصيدته التى مطلعها: أحار بنى عمرو كأنى حمر ويعدو على المرء ما يأتمر انظر: (ديوانه ١٠٩).
(٤) انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٤٢، البحر المحيط ٨٦/ ٨، الكشاف ٣٩/ ٣، القرطبى ٢٥٧/ ١٦، مجمع البيان ١٠٧/ ٩).