سورة الحجرات
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} (١)
قرأ الضحاك ويعقوب: «لا تقدّموا بين يدى الله ورسوله» (١).
قال أبو الفتح: أى لا تفعلوا ما تؤثرونه، وتتركوا ما أمركم الله ورسوله به. وهذا هو معنى القراءة العامة: {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ،} أى: لا تقدموا أمرا على ما أمركم الله به، فالمفعول هنا محذوف كما ترى.
***
{فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} (١٠)
ومن ذلك قراءة زيد بن ثابت وابن مسعود والحسن-بخلاف-وعاصم الجحدرى: «فأصلحوا بين إخوانكم» (٢).
قال أبو الفتح: هذه القراءة تدل على أن القراءة العامة التى هى: {بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} لفظها لفظ التثنية، ومعناها الجماعة، أى: كل اثنين فصاعدا من المسلمين اقتتلا فأصلحوا بينهما. ألا ترى أن هذا حكم عام فى الجماعة، وليس يختص به منهم اثنان مقصودان؟ ففيه إذا شيئان: أحدهما: لفظ التثنية يراد به الجماعة.
وآخر لفظ الإضافة لمعنى الجنس، وكلاهما قد جاء منه قولهم: لبّيك وسعديك،
(١) وقراءة ابن عباس، وأبى حيوة، وابن مقسم، والحسن. انظر: (الإتحاف ٣٩٧، البحر المحيط ١٠٥/ ٨، التبيان ٣٣٧/ ٩، النشر ٣٧٥/ ٢، الكشاف ٥٥٢/ ٣، تهذيب اللغة «قدم» لسان العرب، الرازى ١١١/ ٢٨).
(٢) وقراءة أبى عمرو، وابن سيرين، وثابت البنانى، وحماد بن سلمة. انظر: (البحر المحيط ١١٢/ ٨، التبيان ٣٤٣/ ٩، مجمع البيان ١٣١/ ٩، الإتحاف ٣٩٧، القرطبى ٣٢٣/ ١٦).