قال أبو الفتح: هذا يدل على أن قولنا: ضرب زيد ونحوه لم يترك ذكر الفاعل للجهل به؛ بل لأن العناية انصرفت إلى ذكر وقوع الفعل بزيد، عرف الفاعل به، أو جهل؛ لقراءة الجماعة: {يَوْمَ نَقُولُ،} وهذا يؤكد عندك قوة العناية بالمفعول به.
وفيه شاهد وتفسير لقول سيبويه فى الفاعل والمفعول: وإن كانا جميعا يهمّانهم ويعنيانهم، ومن شدة قوة العناية بالمفعول أن جاءوا بأفعال مسندة إلى المفعول، ولم يذكروا الفاعل معها أصلا، وهى نحو قولهم: امتقع لون الرجل، وانقطع به، وجنّ زيد. ولم يقولوا: امتقعه ولا انقطعه، ولا جنّه. ولهذا نظائر، فهذا كإسنادهم الفعل إلى الفاعل البتة فيما لا يتعدى، نحو قام زيد، وقعد جعفر.
***
{فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ} (٣٦)
ومن ذلك قراءة ابن عباس وأبى العالية ويحيى بن يعمر ونصر بن سيار: «فنقّبوا فى البلاد»، بكسر القاف مشددا (١).
قال أبو الفتح: هذا أمر للحاضرين، ثم لمن بعدهم. فهو كقولك: قد أجلتك فانظر هل لك من منجى أو من وزر؟ وهو فعّلوا من النقب، أى: ادخلوا وغوروا فى الأرض، فإنكم لا تجدون لكم محيصا.
***
{أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} (٣٧)
ومن ذلك قراءة السّدّى: «أو ألقى السّمع» (٢).
قال أبو الفتح: أى: ألقى منه، وهذا كأنه أندى معنى إلى النفس من القراءة العامة، وذلك أن قوله تعالى: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} معناه: ألقى سمعه نحو كتاب الله
= ٥ وقراءة أبان بن عاصم. انظر: (القرطبى ١٨/ ١٧، مختصر شواذ القراءات ١٤٥، البحر المحيط ١٢٧/ ٨، الإتحاف ٣٩٨).
(١) انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٤٥، الإتحاف ٣٩٨، الكشاف ١١/ ٤، الفراء ٧٩/ ٣، الطبرى ١١٠/ ٢٦ البحر المحيط ١٢٩/ ٨، القرطبى ٢٢/ ١٧، تهذيب اللغة، لسان العرب «نقب»).
(٢) وقراءة أبى البرهسم، وطلحة. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٤٥، مجمع البيان ١٤٨/ ٩، الكشاف ١٨/ ٤، البحر المحيط ١٢٩/ ٨).