قال (١):
كشفت لكم عن ساقها … وبدا من الشّرّ الصّراح
فأضمر الحال والشدة؛ لدلالة الموضع عليه.
ونظيره من إضمار الفاعل لدلالة الحال عليه مسألة الكتاب: إذا كان غدا فأتنى، أى: إذا كان ما نحن عليه من البلاء فى غد فأتنى. وكذلك قولهم: من كذب كان شرّا له، أى: كان الكذب شرا، فأضمر المصدر لدلالة المثال عليه.
وأما «تكشف» بتاء مضمومة فعلى نحو ذلك أيضا، أى: تكشف الصورة والآخرة هناك عن شدة، ويسرى ثوبها عن الحال الصعبة، والطريق واحد.
***
{لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ} (٤٩)
ومن ذلك قراءة ابن هرمز والحسن: «لولا أن تدّاركه» (٢)، مشددة.
قال أبو الفتح: روى هذه القراءة أبو حاتم عن الأعرج لا غير، قال: وقال بعضهم: سألت عنها أبا عمرو فقال: لا.
قال أبو حاتم: لا يجوز ذلك؛ لأنه فعل ماض، وليست فيها إلا تاء واحدة، ولا يجوز تتداركه، وهذا خطأ منه، أو عليه.
قال أبو الفتح: قول أبى حاتم: هذا خطأ-لا وجه له؛ وذلك أنه يجوز على حكاية الحال الماضية المنقضية، أى لولا أن كان يقال فيه: تتداركه، كما تقول: كان زيد سيقوم، أى: كان متوقعا منه القيام، فكذلك هذا: لولا أن يقال: تتداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء. ومثله ما أنشدناه أبو علىّ، وهو رأيه وتفسيره من قوله:
فإن تقتلونا يوم حرّة واقم … فلسنا على الإسلام أوّل من قتل
أى: فإن تكونوا الآن معروفا هذا من خلالكم فيما مضى فلسنا كذا، وعليه قول
(١) هو لسعد بن مالك جد طرفة بن العبد فى قصيدة مطلعها: يا بؤس للحرب التى وضعت أراهط فاستراحوا انظر: (ديوان الحماسة ١٤٤/ ١، الخصائص ٢٥٤/ ٣).
(٢) وقراءة الأعمش. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٦٠، الإتحاف ٤٢١، الكشاف ١٤٨/ ٤، الرازى ٩٨/ ٣، القرطبى ٢٥٣/ ١٨، النحاس ٤٩٣/ ٣).