سورة الضحى
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{ما وَدَّعَكَ} (٣)
قرأ: «ما ودعك» (١)، خفيفة-النبى صلّى الله عليه وسلّم وعروة بن الزبير.
قال أبو الفتح: هذه قليلة الاستعمال. قال سيبويه: استغنوا عن وذر وودع بقولهم: ترك، وعلى أنها قد جاءت فى شعر أبى الأسود، قال: وأنشدناه أبو على: (٢)
ليت شعرى عن خليلى ما الّذى … غاله فى الحبّ حتّى ودعه
إلا أنهم قد استعملوا مضارعه، فقالوا: يدع. ويروى بيت الفرزدق:
وعضّ زمان يابن مروان لم يدع … من المال إلا مسحتا أو مجلّف (٣)
على ثلاثة أضرب: لم يدع، ولم يدع-بكسر الدال، وفتح الياء-ولم يدع، بضم الياء.
فأما يدع-بفتح الياء والدال-فهو المشهور، وإعرابه أنه لما قال: لم يدع من المال إلا مسحتا دل على أنه قد بقى، فأضمر ما يدل عليه القول، فكأنه قال: وبقى مجلّف.
وأما يدع-بفتح الياء وكسر الدال-فهو من الاتّدّاع، كقولك: قد استراح وودع، وهو وادع من تعبه. فالمسحت-على هذه الرواية-مرفوع بفعله، ومجلّف معطوف عليه، وهذا ما لا نظر فيه لوضوحه.
وأما يدع-بضم الياء-فقياسه يودع، كقول الله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (٤)،
(١) وقراءة هشام بن عروة، وبن عباس، وأبى حيوة، وأبى بحرية، وابن أبى عبلة. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٧٥، القرطبى ٩٤/ ٢٠، التبيان ٣٦٧/ ١٠، الكشاف ٢٦٣/ ٤، مجمع البيان ٥٠٣/ ١٠، البحر المحيط ٤٨٥/ ٨، الرازى ٢٠٩/ ٣١ العكبرى ١٥٥/ ٢، الآلوسى ٢٥٦/ ٣٠).
(٢) انظر: (شرح شواهد الشافية ٥٣/ ٤).
(٣) انظر: (ديوانه ٥٥٦، الخصائص ١٠٠/ ١).
(٤) سورة الإخلاص الآية (٣).