سورة التكاثر
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها} (٧)
روى عن الحسن وأبى عمرو-واختلف عنهما-أنهما همزا «لترؤنّ الجحيم ثمّ لترؤنّها» (١).
قال أبو الفتح: هذا على إجراء غير اللازم مجرى اللازم، وله باب فى كتابنا الخصائص (٢)، غير أنه هنا ضعيف مرذول. وذلك أن الحركة فيه لالتقاء الساكنين، وقد كررنا فى كلامنا أن أعراض التقاء الساكنين غير محفول بها، هذا إذا كان فى كلمتين، إلا أن الساكنين هنا مما هو جار مجرى الكلمة الواحدة.
ألا ترى أن النون تبنى مع الفعل كخمسة عشر، وذلك فى قولك: لأفعلنّ كذا؟ فمن ها هنا ضارعت حركة نون أين، وفاء كيف، وسين أمس، وهمزة هؤلاء، وذال منذ. وكل واحدة من هذه الحركات معتدة، وإن كانت لالتقاء الساكنين.
ألا ترى أنهم احتسبوها، وأثبتوها، وجعلوا ما هى فيه مبنيا عليها؟ وهذه الحركات- لما ذكرنا من كونها فى كلمة واحدة-أقوى من حركات التقائهما فى المنفصلين.
ألا ترى إلى اجتماعهم على أنه لم يبن فعل على الكسر، هذا مع كثرة ما جاء عنهم من نحو «قُمِ اللَّيْلَ» (٣) و «قُلِ اللهُمَّ» (٤)، وقول الشاعر:
زيادتنا نعمان لا تحرمنّنا … تق الله فينا والكتاب الّذى تتلو (٥)
وسبب ترك اعتدادهم بها كون الساكنين من كلمتين، وكذلك أيضا قولهم: لا ضمّ
(١) انظر: (الكشاف ٢٨١/ ٤، العكبرى ١٥٨/ ٢، البحر المحيط ٥٠٨/ ٨، الإتحاف ٤٤٣).
(٢) انظر: (الخصائص ٨٩/ ٣).
(٣) سورة المزمل الآية (٢).
(٤) سورة آل عمران الآية (٢٦).
(٥) انظر: (النوادر ٤).