المسألة الرّابعة (١):
وهي: إذا دَفَعَ المصلِّي المارّ بين يَدَيْه فماتَ، ففيه عن مالكٌ ثلاثة أقوال:
أحدها: أنّ عليه دِيَته، وكذلك رَوَى عنه ابن شعبان؛ أنّ عليه الدَّيَة في مَالِهِ كاملة (٢).
والرَّوايةُ الثّانية: أنّ الدِّيَة على عاقلته.
والرَّوايةُ الثّالثة: أنَّه لا شيءَ عليه.
تنقيح:
أمّا وجه من قال: لا شيء عليه، أنَّه قال: فيه شيطانٌ ومن قتل شيطانًا فلا شَيْءَ عليه، لقوله -عليه السّلام-: "إنّما هو شيطانٌ".
قال المؤلِّفُ: وهذا باطلٌ قطعًا؛ لأنّه قتلَ إنسانًا.
ووجه من قال: عليه ديته؛ لأنّه تَعَمَّدَ - دفعه، ومن تعمَّدَ لزِمَهُ دون غيره.
ووجه من قال: على عاقلته، أنّه دفعه لأمْرِ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - بذلك، ولم يقصد قتله، فهو (٣) خطاٌ والخطاُ على العاقلة.
نكتةٌ لغوية:
قال أهل العربية في قوله -عليه السّلام-: "فَلْيُقَاتِلْه" معناه: فليلعنه (٤)؛ لأنّ القتال في لسان العرب اللَّعْنَة، ولذلك قال سبحانه: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} الآية (٥)، أي لعن. {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} (٦) أي لعن.
نكتةٌ أصوليهّ:
قال بعض الأصوليين: المرورُ يصلح أنّ يقال فيه: مكروةٌ، ومحرمٌ. أمّا المكروه فمِنْ قوله: "لكان أَنْ يَقِفَ أربعينَ خيرًا لَهُ" ومن لفظ "خير" يعرف وجه
(١) فحوى هذه المسألة مقتبس من شرح ابن بطّال: ٢/ ١٣٧.
(٢) في النسخ: "كلها" والمثبت من شرح ابن بطّال.
(٣) م، ب: "فهذا".
(٤) قاله الباجي في المنتقى: ١/ ٢٧٥.
(٥) الذاريات: ١٠.
(٦) عبس:١٧.