خشي فَوْت وقتها المختار، إنّه لا ينتظر الإمام فيها وإن كان فاضلًا (١) لأنّه قال: "وَحَانَتِ الصَّلاة" ولم يقل: فخيف فوت الوقت، وفي ذلك آثارٌ كثيرةٌ.
الفائدة الثّالثة:
قال علماؤنا: وإنّما استعجلوا بالصّلاة خَلْفَ أبي بكرٍ؛ لأنّ ظَنَّهُم أنّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - سَيُبْطِيءُ عن الصَّلاة، فكان يطول ذلك عليهم من انتظاره.
الفائدة الرّابعة (٢):
فيه من الفقه: أنّ الإقامة إلى المُؤَذِّنِ وهو أَوْلَى بذلك، وقد اختلف العلماء في هذا المعنى:
فقال قائلون: مَنْ أَذَّنَ فهو أَوْلَى بالإقامة، ورَوَوْا فيه حديثًا مسنَدًا عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - (٣).
وقال مالكٌ (٤) والكوفيون (٥): لا بأس بأذان مؤذِّنِ وإقامة غيره.
واستحبَّ الشّافعيّ (٦) أنّ يقيمَ المؤذِّن، وإن أقام غيره فلا بأس به.
الفائدة الخامسة (٧):
قوله (٨): "تُصَلِّي فَأُقِيمُ" بيانٌ أنّ الإقامةَ متّصلةٌ بالصّلاةِ، ولذلك استفهمه، ولم يحتج ذلك في الأذان؛ لأنّه ليس بِمُتَّصِلٍ (٩) بالصّلاة.
(١) الكلام السابق مقتبسٌ من الاستذكار: ٦/ ٢٣٤.
(٢) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٧٤٧.
(٣) الّذي في الاستذكار: "وَرَوَوْا فيه حديثًا أخرج عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - بإسنادٍ فيه لينٌ يدور على عبد الرحمن بن زياد الإفريقي".
قلنا: والحديث هو قوله - صلّى الله عليه وسلم -:"إنَّ أخا صُدَاءٍ قد أذَّنَ، ومن أَذَّنَ فهو يقيمُ" أخرجه أحمد: ٤/ ١٦٩، وأبو داود (٥١٤)، وابن ماجه (٧١٧)، والترمذي (١٩٩) وقال: "وحديث زياد أي زياد بن الحارث الصُّدَائيّ، إنّما نعرفه من حديث الإفريقي، والإفريقي ضعيف. قال أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي، ورأيت محمد بن إسماعيل يُقَوِّى أَمْرَهُ، ويقول: هو مُقَارِبُ الحديث".
(٤) في المدوّنة: ١/ ٦٣ في ما جاء في الأذان والإقامة.
(٥) انظر كتاب الأصل: ١/ ١٣١، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ١٨٩.
(٦) في الأم: ٢/ ٧٣.
(٧) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٨٨.
(٨) في حديث الموطّأ (٤٥١) رواية يحيى.
(٩) في النُّسَخِ: "يتّصل" والمثبت من المنتقى.