قال ابن حبيب: إنّ كان عن يمينه ويساره فليدعها.
الفائدة الثامنة (١):
قوله (٢): "فصفَّقَ النّاسُ" وإنّما صَفَّقُوا لمّا كانوا ممنوعين من الكلام. ورأَوْا ما استعظموه من تقديم أبي بكرٍ بحَضرةِ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -.
وفيه: أنّ التّصفيقَ لا يفسدُ صلاة الرِّجال (٣) وإن فعلوه فيها؛ لأنهم لم يُؤْمَرُوا بإعادة الصَّلاة، وإنّما قيل لهم (٤): "مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ في صَلاَتِهِ فَلْيُسَبَّحْ".
نكتةٌ أصولية (٥):
قوله: "إنّمَا التَّصْفِيقُ للنِّسَاءِ" قال الشّافعيّ: أراد به شرعًا، أو بيان شرع (٦).
وقال مالكٌ: أراد به بيان حالٍ؛ لأنّ هذا حُكمٌ (٧) في الشّريعة، والحقُّ أحقُّ أنّ يُتَّبَعَ (٨) قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشّيطانَ تَعَرَّضَ لي في صلاتي، فإن كان شيءٌ فَلْيُسَبِّح الرِّجالُ، وليصفّق النِّساءُ" (٩) وهذا نصّ، وقوله: "فإن أنساني الشّيطان شيئًا من صلاتي فليسبح الرِّجال، وليصفِّق النّساءُ" (١٠).
اعتراض (١١):
فإن قيل: كيف سُلِّطَ الشَّيطانُ عليه والعصمةُ قد ضمنت له؟
الجواب عنه من ثلاثة أَوْجُهٍ:
أحدها - أنا نقول: إنّما ضمنت له العصمة *في الآية من النّاس لا من الشيطان.
(١) الفقرة الأولى من هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٨٨، والباقي مقتبس من الاستذكار: ٦/ ٢٣٦.
(٢) في حديث الموطّأ السابق ذِكْرُهُ.
(٣) في النُّسَخ: "الرَّجل" والمثبت من الاستذكار.
(٤) في حديثَ الموطّأ السابق ذِكْرُهُ.
(٥) انظرها في القبس: ١/ ٣٥٣.
(٦) انظر الحاوي الكبير: ٢/ ١٦٣.
(٧) في القبس: "حُكْمُهُنّ" وفي القبس ط. الأزهري: ١/ ٣٥١ "حكمهم".
(٨) الظاهر من هذه العبارة أنّه رجّح قول الشّافعيّ. وانظر العارضة: ٢/ ١٦٤.
(٩) أخرجه بنحوه عبد الرزّاق (٤٠٧٣)، من حديث أبي هريرة.
(١٠) انظر تخريجنا السّابق.
(١١) انظره في القبس: ١/ ٣٥٣ - ٣٥٤.