أجازوا أنّ يردَّ المصلِّي السَّلامَ كلامًا، وقالوا: إنّ الكلام المنهيّ عنه في الصَّلاة هو ما لا يَحتاجُ إليه المصلِّي، وأمّا ردُّ السّلام فهو فرضٌ على كلِّ مُسلِمٍ سلّم عليه كان في صلاة أوغيرها، فمن فعل ما يجب عليه لم تبطل صلاته.
وقال المخالِف: وقد أجازَ ابنُ القاسم الكلام في شأن إصَلاح الصَّلاة.
المسألة السّادسة (١):
قال قومٌ (٢): والحجةُ في هذا الباب: حديثُ زيد بن أَرْقَم: كنّا نتكلَّمُ في الصّلاةِ حتّى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (٣) فاُمِزنا بالسّكوت ونُهينا عن الكلام (٤).
وحديث ابن مسعود؛ إنّ الله يُحْدِثُ مِنْ أمْرِهِ ما يشاءَ، وإنّ ممّا أحدثَ ألّا يتكلَّم في الصَّلاة (٥).
فلا يجوزُ الكلامُ في الصَّلاة؛ لأنّه أمرٌ نُسِخَ، والمنسوخُ لا يجوز العمل به، وقد أعلمتكلم ما عليه مذاهب أهل الفتوى من أيِمَّةِ الأمصار؛ أنّ الكلام في الصّلاة لا يجوز، وهم الجمهور الأعظم.
المسألةُ السّابعةُ (٦):
عندنا أنّه إذا سلّم على المصلِّي أنّه يرذدّ بالإشارة، ولا يردّ المؤذَّن.
وقال علماؤنا (٧): وأمّا المؤذِّن والمصلِّي، فلا يسلِّم عليهما ولا يرد واحد منهما (٨). والفرقُ بينهما: أنّ المصلِّي يقطعُ الكلامُ صلاتَه، والمؤذِّنُ والمُلَبِّي لا يقطع عبادتهما الكلام.
وقال ابنُ العربي (٩): الفرقُ بينهما: أنّ المصلِّي يطولُ أَمْرُه، والمؤذِّن يقرُبُ
(١) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكمار: ٦/ ٢٩٥ - ٢٩٦ بتصرُّفٍ.
(٢) في الاستذكار: "قال أبو عمر".
(٣) البقرة: ٢٣٨.
(٤) أخرجه البخاريّ (٤٥٣٤) أو مسلم (٥٣٩).
(٥) أخرجه أحمد: ١/ ٣٧٧، وعبد الرزّاق (٣٥٩٤)، والحميدي (٩٤)، والنّسائي: ٣/ ١٩، والطبراني في الكبير (١٠١٢٢)، وابن حبّان (٢٢٤٣، ٢٢٤٤).
(٦) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٢٩٩ - ٣٠٠.
(٧) المقصود هو الإمام الباجي.
(٨) الّذي في المنتقى: "وأمّا المؤذِّنُ والمُلَبِّي فلا يسلَّمُ عليه، فإن سلّم عليه لم يردّ إشارة".
(٩) من هنا إلى آخر قوله: "ضد المقتضى" من زيادات المؤلِّف على نصِّ الباجي.