الفائدة الثّانية عشرة (١):
قال علماؤنا (٢): في هذا الحديث اختلاف، هل كان النّبيُّ (٦) هو الإمامُ في هذه الصَّلاة أم لا؟، وفائدةُ الخلافِ فيه في إمامةِ الجالس بالقائم (٣)، وقد تقدَّمَ الكلامُ عليه في الباب الّذي قَبْلَهُ.
الفائدة الثّالثة عشرة (٤):
قوله: "فَلَمَّا رآهُ أبو بَكرٍ اسْتأْخَرَ": فيه دليلٌ واضحٌ أنّه لم يكن عندهم مسْتَنْكرًا أنّ يتقدَّمَ الرَّجُلُ عن مقامه الّذي قامَ فيه في صلاته ويتأخّر، وذلك عملٌ في الصَّلاة من غيرها، فإنّ من فعل ذلك في صلاته لأمرٍ دَعَاهُ إليه فصلاته جائزة.
الفائدة الرّابعة عشرة:
فإن قال قائل: لِمَ صَفَّقَ النَّاسُ لأبي بَكْرٍ حينَ ذهبَ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - إلى بني عَمْرو بن عوف ليُصْلحَ بينهم (٥)، ولم يصفِّقوا في مَرَضِ النَّبِيِّ - صلّى الله عليه وسلم - إذ رَأَؤهُ؟ ولأيِّ شيءٍ عزلَ النبيُّ (٦) أبا بَكْرٍ عن الصَّلاةِ وقتَ خُروجِهِ وهو مريض، ولم يعزل عبد الرحمن بن عوف وصلّى ركعة خَلْفَهُ؟
الجواب في ذلك من وجهين:
الأوّل: أنهم لم يصفَّقُوا لأنّه قد كان تقدَّمَ لهم النَّهي عن التّصفيقِ، فقال: "إنّما التَّصفِيقُ للنِّساءِ" (٧) فوقَفُوا عند هذا، وبَقِيَ حكمُ التّسبيحِ للرِّجال والتّصفيق للنّساء؛ لأنّ أصواتهُنَّ فيها لِينٌ، فخَشِيَ الفتنةَ لذلك، ومن أجل هذا لا تُؤَذِّن المرأةُ ولا تَؤُمُّ ولا تقرأُ جَهْرًا خشيةَ الفِتنَة بأصواتهِنَّ.
الجوابُ الثّاني: أنّ النّبيَّ صلّى الله عليه وقتَ أبي بَكرٍ كان النَّاسُ خائفينَ من مَرَضِهِ، فلمّا خرجَ واستبشروا بخروجه وفرحوا، فصفَّقُوا فَرَحًا به واستبشارًا، وتَبَرُّكًا بصلاةِ ركْعَةٍ خَلْفَهُ.
(١) هذه الفائدة مقتبسة من المصدر السابق.
(٢) المقصود هنا الإمام المازَريّ.
(٣) النّسخ: "بالقيام" والمثبت من المعلم.
(٤) هذه الفائدة مقتبسة من شرح ابن بطّال: ٢/ ٣٠٢.
(٥) أخرجه مالكٌ في الموطّأ (٤٣١) رواية يحيى.
(٦) - صلّى الله عليه وسلم -.
(٧) أخرجه مالكٌ في الموطّأ (٤٥١) رواية يحيى.