قال (١): يبيِّن ذلك أنّ "براءَة" لا يُكتَبُ في أوّلها بسم الله الرحمان الرحيم* لئلا يوضع شيء في غير موضعه، ويكتب في الألواح في أولها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * (٢)، سواء بدأ بأوّل السّورة أو غيرها؛ لأنّه لا يجعل إمَامًا، قال (٣): وإنّما ألف القرآن على ما كانوا يسمعونه من رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -.
المسألة السّادسة (٤):
أمّا الذِّكرُ من غير القرآن، فلا يمنع المُحْدِث (٥) من النُّطق به ولا مِنْ مَسِّهِ، وبه قال جماعة العلماء (٦).
الرُّخصَةُ في قراءةِ القرانِ على غيرِ وُضُوء
مالك (٧)، عن أَيُّوب السَّخْتِيَانِيِّ، عن محمّد بن سِيرِينَ، أنّ عمرَ بن الخطّابِ كان في قَوْم وهم يقرؤونَ القرآنَ، فذَهَبَ لحاجَتِهِ، ثُمَّ رَجَعَ وهو يقرأُ القرآنَ. فقال له رَجُلٌ: يا أَمير المؤمنين، أتَقْرَأُ وأَنْتَ على غَيْرِ وُضُوءِ؟ (٨) فقال له عمرُ: من أَفْتَاكَ بهذا؟ أَمُسَيْلمَةُ؟
الإسناد:
قال الإمام: القائل لعمر هذا الكلام اختلفَ النَّاسُ فيه:
فقيل: هو رَجُلٌ من بني حنيفة (٩) ممّن كان قد آمَنَ بمُسَيْلِمَة، ثمّ آمن بالله ورسوله.
وقيل: إنّه الّذي قتل زيد بن الخطّاب باليمامة، فكان عمر لذلك يستثقله ويبغضه.
(١) القائل هو الإمام مالك في العتبية: ١٨/ ٣٥٤ - ٣٥٥.
(٢) ما بين النجمتين ساقط من النّسختين بسبب انتقال نظر ناسخ الأصل، واستدركنا النقص من المنتقى.
(٣) الكلام موصول للإمام مالك في العتبيه: ١٨/ ٣٥٤ - ٣٥٥.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المننقى: ١/ ٣٤٤.
(٥) في المنتقى: "الحدث".
(٦) قوله: "وبه قال جماعة العلماء" من إضافات المؤلِّف على نصِّ الباجي.
(٧) في الموطَّأ (٥٣٧) رواية يحيى.
(٨) في الموطَّأ: "ولست على وضوء".
(٩) رواه ابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة: ١/ ٤٣٧ بسنده عن يحيى بن مُزَين قال: قال حبيب كاتب مالكٌ: كان الرَّجُلُ من بني حنيفة.