واختلفت فيها الأقوال:
فقال ابن عبّاس: اللُّغاتُ سَبْعٌ، والسَّماوات سَبْعٌ، والأرْضُون سَبْعٌ (١)، فكان معناه: نزل بلُغَةِ العَرَبِ كلِّها.
وقيل: هذه الأحْرُفٌ في لُغَة واحدةٍ.
وقيل: هي تبديل هذه الكلمات إذا استوى المعنى.
وقال (٢) الخليل: معنى "سَبْعَة أَحْرُفٍ" سبعُ قراءاتٍ، والحروف هاهنا القراءة (٣).
وقال غيرُه: هي سبعة أنحاء، كلُّ نحوٍ منها جزء من أجزاءِ القرآن خلاف غيره، كأنّه ذهب إلى أنّ كلَّ حَرْفٍ منها هو صِنْفٌ من الأصناف، نحو قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} (٤) فكان معنى الحرف الّذي يعبد الله عليه هو صنفٌ من الأَصنافِ ونوعٌ منها الّتي يعبد الله (٥) عليها، فمنها ما هو محمود عند الله، ومنها ما هو بخلاف ذلك. فذهب هؤلاء إلى أنّ قولَه: "إنَّ القرآنَ أُنْزِلَ على سَبْعَةِ أَحْرُفٍ" أنّها سبعة أنحاء وأَصْنَافٍ، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها مُحْكم، ومنها مُتشَابِه، ومنها أمثال وعبر، وغير ذلك.
واحتجُّوا بحديثِ ابن مسعود، عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -؟ قال: "كان الكتابُ الأوَّلُ نزلَ من بابٍ واحدٍ، على حَرْفٍ واحدٍ، وأنزِلَ (٦) القُراَنُ من سَبْعَةِ أبواب على سَبْعَةِ أَحْرُفٍ"
الحديث (٧).
قال: واختلفوا (٨) فيها (٩) كيف أُنْزِلَتْ:
(١) لم نجده في المصادر الّتي وقفنا عليها.
(٢) من هنا إلى قوله: قبائل مُضَر، مقتبس في التمهيد: ٨/ ٢٧٤ - ٢٧٧ بتصرُّف.
(٣) الّذي في العين: ٣/ ٢١١ "وكل كلمة تُقرَأُ على وجوهٍ من القرآن تُسَمَّى حرفًا، يقالُ: يقرأ هذا الحرف في حَرْف ابن مسعود، أي قراءته".
(٤) الحجّ: ١١.
(٥) "الله" زيادة من التمهيد.
(٦) في التمهيد: "ونزل".
(٧) رواه ابن حبّان (٧٤٥)، والحاكم: ٢/ ٣١٧، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٨/ ٢٧٥ وقال: "وهذا حديث عند أهل العلم لا يثبت؛ لأنّه يرويه حيوة بن عقيل عن سلمة هكذا، ويرويه اللَّيث بن عقيل عن ابن شهاب، عن سلمة بن أبي سلمة، عن أبيه، عن النّبي س مُرْسَلًا، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممّن يحتجّ به. وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة الإسناد".
(٨) جـ: "اختلف".
(٩) أي في الأحرف.