فقيل: إنه يسجد في أوَّلِ ما تمرُّ به سجدة ويسجد القارئ عليه، هذا إذا كان بالغًا، وليس عليه سجودٌ بعد ذلك كلّما جاءت سجدة.
وقيل: ليس ذلك عليه ولا في أوَّلِ مرَّةٍ.
وأمّا من سمع قراءة رَجُلٍ دون أنّ يجلسَ لاستماعِ قراءته على وجهٍ من الوجوه، فليس عليه أنّ يسجدَ بسجوده.
وقيل: إنّ ذلك عليه، وهو شذوذٌ من القول.
المسألة الرّابعة (١): في معرفة أحكام السُّجود وشروطه ومَحَلِّه وأي وقت يفعل
أمّا أحكامُه فأحكام صلاة النّافلة، في أنّه لا يكون بغير طهارةٍ، ولا في موضعٍ غير طاهرٍ، ولا في وَقْتٍ لا تحلّ فيه الصّلاة، ولا لغير القِبْلَةِ إلا للمسافِر على دابَّتِهِ حَيْثُما توجَّهَتْ به.
فلا بُدّ فيها (٢) من طهارة؛ لأنّها صلاةٌ، فوجبت فيها الطّهارة.
واختلف (٣) علماؤنا هل فيها تكبيرٌ مشروعٌ أم لا؟ فرُويَ عن مالك أَنّه قال: التكبير لسجود التِّلاوةِ مأمورٌ بِهِ، ومرة قال: لا يكبِّر، وخَيَّر ابنُ القاسم في ذلك.
وَوَجْهُ القولِ عندي: أنّها عبادةٌ (٤)، فشرع التّكبير لها في الخَفضِ والرَّفْعِ، كما لو كان في نفس الصّلاة لابدّ له أنّ يُكَبِّر.
واختلفَ العلماءُ هل فيها تحليل بالسّلام أم لا؟ والصّحيحُ عند علمائنا أنّ فيها تحليلًا بالسّلام؛ لأنّها عبادةٌ لها تكبيرٌ، فكان فيها السّلام كصلاة الجنازة، بل هذه أَوْلَى؛ لأنّ هذه فعلٌ وصلاة الجنازة قولٌ.
واختلف العلماء في أوقات السُّجود لها:
فقال مالك: لا يسجد في الأوقات المنهيات.
وقد رُوِيَ عنه وعن الشّافعيّ؛ أنّها يسجد ويُصَلَّى فيها.
(١) الفقرة الأولى من هذه المسألة مقتبسة من المقدِّمات الممهدات: ١/ ١٩٤.
(٢) أي في سجود التّلاوة.
(٣) من هنا إلى آخر الفقرة الثّانية مقتبى من المنتقى: ١/ ٣٥٣.
(٤) في المنتقى "أنّه سجود تلاوة".