فَوَارِ أَبَاكَ وتُحَدِّث حدثا (١) حتّى تأتيني"، قال: فَوَارَيْتُهُ ثمّ جِئتُه، فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ وَدَعَا لِي (٢).
قال الإمام: ذكر مالكٌ في هذا الباب جملة أحاديث منها:
مالكٌ (٣)، أَنَّهُ بلَغَهُ أَنّ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - تُوُفَّيَ يَومَ الإثْنَيْنِ، ودُفِنَ يَوْمَ الثُّلاثَاء، وَصَلَّى النّاسُ عَلَيهِ أَفذَاذًا.
الإسناد:
قال الإمام: هذا حديث بَلاَغٌ (٤)، وهو مختلف فيه، قيل: دُفِنَ يوم الثُّلاثاء. وقيل: ليلة الأربعاء، وفي ذلك تفصيلٌ طويلٌ يأتي بيانُه في ذكر الفوائد إنّ شاء الله.
ذِكْرُ الفوائد المنثورة في هذا الحديث
وهي أربع:
الفائدةُ الأُولَى:
قوله: "تُوُفِّيَ يَومَ الإثنَيْنِ" هو الصّحيح من القول، وفيه وُلِدَ وفيه ماتَ - صلّى الله عليه وسلم -.
وقوله: "مَاتَ يَومَ الاثنَيْنِ وَدُفِنَ يَومَ الثُّلاثَاءِ" فيه دليلٌ على التَّأخيرِ إلى الغَدِ من يَومِ الوَفَاةِ (٥).
فإن قيل: هذا لا يصحَ؛ لأنّ قَولَه لأَهلِ بيتٍ أَخَّروا دَفنَ مَيِّتِهمْ: "عَجِّلُوا بِدَفْنِ مَيِّتِكُم وَلا تُؤَخِّرُوهُ" (٦) فخرج من هذا أنّ السُّنَّةَ الاسراع بالدَّفن، فَلِمَ أُخِّر دَفْنُ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -؟
قلنا: لثلاثة أَوْجُهٍ (٧):
(١) في المصادر الحديثة: "شيئًا" وهو الصّواب.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١١١٥٥)، وأحمد: ١/ ١٣١، وأبو داود (٣٢١٤)، والنّسائي في الكبرى (١٩٥)، وأبو يعلى (٤٢٣).
(٣) في الموطّأ (٦٢٠) رواية يحيى.
(٤) يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ٣٩٤ "لا أعلمه يروى على هذا النَّسَقِ بوجه من الوجوه غير بلاغ مالكٌ هذا، ولكنه صحيح من وجوه مختلفة وأحاديث شتَّى جمعها مالك".
(٥) هذا الاستنباط مقتبس من المنتقى: ٢/ ٢١.
(٦) أورده القرطبي في تفسيره: ٤/ ٢٢٤.
(٧) انظرها في القبس: ٢/ ٤٤٧.