ولا بأس أنّ تُقَرَّب إليه الرَّوائح الطَّيِّبة.
ووجه قول مالكٌ: ما احتجّ به من أنّ عمل السَّلَف اتَّصلَ بترك ذلك.
السّابع: غسله، وقد تقدَّمَ.
الثّامن: تَكْفِينُه
وقد تقدّم بَيَانُه، واختلف العلّماء في الكَفْنِ.
الناسمع: توديعه وتقبيله
خرّج الترمذيّ (١) فيه حديث عائشة؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قَبَّلَ عُثمَان بن مَظْعُون وَهُوَ يَبْكِي، زاد أبو داود (٢): "حَتى رَأَيتُ الدُّمُوعَ تَسِيلُ" وقد رُوِيَ أنّ أبا بكرٍ قَبَّلَ النّبيَّ صلّى الله عليه بعد ما مات. وروى التّرمذيّ بإسنادٍ حسنِ، عن عائشة؛ أنّ أبا بَكْرٍ دخلَ على رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بعد وفاته فوضع فاه بين عينيه ووضع يده على ساعديه.
حديث (٣) قوله: "وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ فِيكُم؟ " قَالُوا: القَتْلُ في سَبِيلِ اللهِ، فذكر الحديث إلخ، فذكر ثمانية أصناف:
الأوّل: الشّهيد
اختلف العلّماء فيه على خمسة أقوال:
الأوّل: أنّهم الّذين شَهِدَ لهم رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - بالإيمان، وضمن لهم حُسن الخاتمة، وهذا كقول النّبيِّ صلّى الله عليه: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ" وليس في الحقوق أثبت ممّن شَهِدَ له - صلّى الله عليه وسلم -، والشّهيد: فعيلٌ بمعنى مَفْعُول.
الثّاني: إذا (٤) حضر سببًا معاينًا مشاهدًا على جوارحه يغيِّره.
الثّالث: أنّه جَرَى دمه على الأرض، وأجرى الشّهادة (٥) وجه الأرض، فعيل مُطْلَق، بمعنى مفعول.
الرّابع: أنّ دليله معه لا يفارقه، قال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "مَا مِن أَحَدِ يُكْلَمُ في سَبِيلِ اللهِ -
(١) في جامعه الكبير (٩٨٩) وقال: "حديث عائشة حديث حسن صحيح".
(٢) في سننه (٣١٦٣).
(٣) هو حديث الموطّأ (٦٢٩) رواية يحيى.
(٤) جـ:"أنّه".
(٥) جـ: "أو أجرى والشهادة" والعبارة قلقة.