المؤمنينَ والمسلمينَ، ويَرْحَمُ اللهُ المُسْتقْدِمِينَ والمُسْتَأخِرِينَ منَّا، وإنّا إنْ شاءَ اللهُ بكم لاحِقُونَ.
ومن حديث أبي مويهبة؛ "إنِّي قَدْ أُمِرْتُ أنّ أَسْتغْفِرَ لأَهْل البَقيعِ" فَاسْتَغْفر لهم، ثمّ انصرفَ، فأقبلَ عليَّ وقال: "يا أبا مويهبة، إنّ اللهَ قد خَيَّرَنِي بين مفاتيح خزائن الأرض والخُلْد فيها ثمّ الجنَّة، أو لقاء ربِّي، فاخترتُ لقاءَ ربِّي" فأصبحَ رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - من تلك اللّيلة، فبدأَهُ وجعُه الّذي ماتَ فيه (١).
ذكرُ الفوائد المنثورة:
في هذا الحديث أربع فوائد:
الفائدةُ الأولى (٢):
فيه: فضل بريرة.
وفيه: الاستخدامُ بالعتق، والاستخدام باللَّيل، وذلك عندي فيما خَفَّ، أو ما فيه طاعة الله تعالى ليجازيه على ذلك ويُكَافئه على استخدامه.
الفائدةُ الثّانية (٣):
فيه: ما كانوا عليه من مراعاة أحوال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - ليلًا ونهارًا.
الفائدةُ الثّالثة (٤):
قال علماؤنا (٥): قوله في الحديث: "لأَصَلِّيَ عَلَيْهِمْ " يحتمل أنّ تكون صلاتُه ههنا الدُّعاء.
فإن كان ذلك، ففيه دليلٌ على أنّ زيارة القبور والدّعاء لأهلها أفضل وأَرْجَأ لِقَبُولِ الدّعاء.
فكأنّه أُمِرَ أنّ يستغفرَ لهم ويَدْعُو بالرّحمة، كما قيل له - صلّى الله عليه وسلم -: {وَاسْتَغْفِرُ
(١) أخرجه أحمد: ٢٥/ ٣٧٦ (ط. الرسالة) والطبراني في الكبير: ٢٢/ ٣٤٦ (٨٧١).
(٢) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: ٨/ ٤١٥.
(٣) هذه الفائدةُ مقتبسة من المصدر السابق.
(٤) الفقرة الأولى والثالثة اقتبسهما المؤلِّف من الاستذكار: ٨/ ٤١٤ - ٤١٥.
(٥) المقصود هو الإمام ابن عبد البرّ.