والزكاةُ من إحدى دعائم الإسلام، قرنَها النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - بمَحْضِ الإيمان، وقرنها بالصَّلاةِ.
وأمّا الأثرُ والنَّظَر، فإنّه ذَكَرَ مالك (١)، عن عبد الله بن دينارٍ؛ أنَّه قال: سمعتُ عبد الله بن عمر يسأل عن الكَنْزِ ما هو؟ فقال: هو المالُ الّذي تُؤَدَّى زكَاتُه، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ...} الآية، إلى قوله {تَكْنِزُونَ} (٢).
وقال علماؤنا (٣): إنَّ الضَّميرَ الّذي في قوله تعالى: {وَلَا يُنْفِقُونَهَا} عائدٌ على الزَّكاةِ، وإِنْ كان لم يتقدَّم لها ذِكْرٌ؛ لأنّها المراد بالاتِّفاق.
وقيل: إنّه يعودُ على الفِضَّة، والذَّهَبُ داخلٌ فيها بالمعنى.
وقيل: إنّه لَمَّا كان المعنى في الذَّهب والفِضَّة سواء (٤)، جازَ أنّ يرجِعَ الضَّمير إليهما جميعًا بلفظٍ يعودُ على الكَنْزِ، والمرادُ بذلك الزَّكاة الواجبة فيهما.
الآثار الواردة في مانع الزّكاة ثلاثة أحاديث:
الحديثُ الأوَّل: حديث سُلَيْم بن عامر، قال: سمعت أبا أُمامة يقولُ (٥): سمعتُ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ في حَجَّة الوداع، فقال: "اتَّقُوا ربَّكم، وصَلُّوا خَمْسَكُم، وصومُوا شهرَكُم، وأَدُّوا زكاةَ أموالِكم، وأطيعوا أمراءَكُم، تدخلُوا جنَّة رَبِّكُم". إسناده حسنٌ صحيحٌ، خَرَّجَه التّرمذي (٦).
الحديث الثّاني: حديث المَعْرورِ بن سُوَيْد، عن أبي ذرّ، قال: جئتُ إلى النّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - وهو جالسٌ في ظلِّ الكعبةِ، قال: فرآني مُقْبِلًا فقال: "همُ الأَخْسَرونَ ورَبِّ الكعبةِ"، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: "الأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا ألَّا مَنْ قالَ: هكذا هكذا" (٧).
(١) في الموطّأ (٦٩٥) رواية يحيى.
(٢) التوبة: ٣٤، وانظر أحكام القرآن: ٢/ ٩٣١ - ٩٣٢.
(٣) المقصود هو الإمام ابن رشد في المقدِّمات الممهدّات: ١/ ٢٧٣.
(٤) "سواء" زيادة من المقدِّمات.
(٥) "سمعت أبا أمامة يقول" زيادة من جامع التّرمذيّ يقتضيها السياق.
(٦) في جامعه الكبير (٦١٦).
(٧) أخرجه البخاريّ (١٤٦٠، ٦٦٣٨)، ومسلم (٩٩٠)، والترمذي (٦١٧).