وأمّا ما ابتاعه للغَلَّة من الدُّور، ثم باعها بعد حَوْلٍ، ففي "المدوّنة" (١) من رواية ابن القاسم؛ في ذلك عن مالك روايتان:
إحداهما: يزكِّي الثَّمَن (٢)، وهو اختيار ابن نافع.
والرِّواية الثّانية: يستأنف به حَوْلًا، وهذا اختيار ابن القاسم.
توجيه (٣):
ووجه الرِّواية الأولى: أنّ الغَلَّةَ نوع من النَّماء والإرصاد له يُوجِبُ الزَّكاةَ كرِبْحِ التِّجارة.
ووجه الرِّواية الثّانية: أنّ هذا مالٌ لم يُرْصَد للتِّجارة، فلم تجب فيه الزَّكاة، كما لو اشتراه للقُنْيَة.
المسألة الرّابعة (٤):
قوله: "فإنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا" وقد روى اين مُزَيْن عن عيسى عن ابن القاسم؛ أنّه لم يأخذ مالكٌ بهذا الحديث، وقوله: "لا زكاةَ فيها إذا نَقَصَتْ يسيرًا أو كثيرًا، إلّا مثل الحَبَّةِ والحبَّتَيْنِ ونحو ذلك فإِنّ فيه الزَّكاة، وكذلك الدراهم" ومعنى (٥) قوله: لم يأخذ مالكٌ بهذا الحديث، يريد بِظَاهِرِهِ.
المسألة الخامسة (٦):
قوله: "فَمَا نَقَصَ فبِحِسَابِ ذَلِكَ، حتَّى تبُلُغَ عَشرَةَ دَنَانِيرَ، فإن نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارِ فَدَعْهَا" يحتمل أنّ يكون هذا اجتهادٌ منه، وإنّما (٧) رأى ما دُونَ العشرة من جملة اليسير الّذي يجري مَجرَى النَّفَقَة ومِمّا لابُدَّ منه للتبليغ (٨) في سفره.
والّذي عليه الجمهور من الفقهاء والأيمّة؛ أنّه يُؤْخَذ ممّا يحملونه للتِّجارة قليلًا
(١) في المنتقى: "الموازية"، وانظر المدونة: ١/ ٢١٨.
(٢) جـ: "الثمن في الحين".
(٣) هذا التوجيه مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١٢١.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١٢١ - ١٢٢.
(٥) "معنى" زيادة من المنتقى.
(٦) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١٢٢.
(٧) في المنتقى: "وأنّه".
(٨) في المنتقى: "للمسافر".