المسألة الثّالثة (١) في توجيه هذه الأقوال وتنقيحها
فوجه قول مالك - رحمه الله -: أنّه إنّما تعلَّقت بماله من (٢) يوم كمال النِّصَابِ، فوجبَ أنّ يجْزِىء فيها حُكم الزّكاة من ذلك الحَوْل، وما قبل ذلك لا تَعَلُّقَ للزّكاة بها (٣).
ووجه قول أشهب: أنّا إذا كنّا نُرَاعِي ما وجدَ السّاعي بيَدِه دون ما قَبْلَ ذلك في الكَثْرَة والقِلَّة والتَّقصيرِ عنه، فكذلك في تَمَامِه والزِّيادة عليه.
ولو كمل النِّصَابُ بفائدة، فلا خلافَ نَعْلَمُه في المذهب في أنّه لا يزكّي إلّا من يوم كمل النِّصاب، وقاله أَشْهَب وأَصْبَغ.
ووجه ذلك: ما قدَّمناهُ أنَّ الفائدةَ لا تُضَافُ إلَّا (٤) إلى النِّصاب.
المسألة الرّابعة (٥):
فإن غابَ (٦) عنها وهي نصابٌ، ثم نقصت عن النِّصاب، ثمَّ عادت إليه، فوجدها السّاعي على ذلك، فلا يخلو أنّ يكون بلوغها النِّصاب بولادة وما جَرَى مَجْرَاهَا بِوَجْهٍ من البَدَلِ، أو بفائدةٍ. فإن كان بولادة زكّى الجميع (٧) لجميع الأحوال على ما هي عليه اليوم، هان كانت بفائدةٍ لم يزكّها إلَّا يوم بلغت النِّصاب إلى وقت مجيءِ السّاعي.
المسألة الخامسة (٨):
فإنْ غاب ربّ الماشية بأربعين، فوجدَ السّاعي بيده أَلْفًا بعد أعوامٍ، فقال: إنّها لم تزل أربعين إلى هذا العام، فهل يصدَّق أم لا؟ ففي المذهب في ذلك روايتان:
الأُولَى: عن ابن القاسم وابن الماجشون (٩)؛ أنَّه لا يصدّق وتؤخذ منه صدقة
(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٢/ ١٤٦.
(٢) "من" زيادة من المنتقي.
(٣) غ، جـ: "لا يتعلق الزَّكاة فيها" والمثبت من المنتقي.
(٤) "إلَّا" زيادة من المنتقى.
(٥) هذه المسألة مقتبسة من المنقى: ٢/ ١٤٦ بتصرّف.
(٦) السّاعي.
(٧) غ: "كان كالزكاة".
(٨) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١٤٧ بتصرّف.
(٩) الّذي في المنتقي: "روى ابن حبيب عن ابن الماجشُون وغيره من أصحابنا" ولعلّه الصّواب.