تنبيه:

فإذا ثبتَ أنّ الصَّومَ في شهر رمضان واجبٌ بإجماع الأُمَّةِ، ففي (١) {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} (٢) مسألة اختلف النّاسُ فيها، هل كان قَبْلَهُ صومٌ مفروضٌ أم لا؟ فالصحيحُ أنَّ الفَرْضَ قَبْلَهُ كان يوم عاشوراء، فلمّا نزل فَرْض رمضان كان هو كالفريضة، فمن شاء صامَ عاشوراء، ومن شاء أَفْطَرَهُ. والحمدُ لله.

حديث مَالِك (٣)، عَن نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صلّى الله عليه وسلم - ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: "لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتى تَرَوْهُ، فَإِن غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ" وفي حديث ابن عبّاس (٤): "فَإِنْ غُمَّ عَلَيكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ".

وهذا (٥) الحديث محفوظٌ عن عكرمة (٦) عنِ ابنِ عبّاس.

الإسناد:

قال الإمام: هذا حديث صحيحٌ متَّفَقٌ على صِحَّته ومَتْنِهِ، خرَّجَهُ الأيمّة مسلم (٧) والبخاريّ (٨) وغيرهما (٩).

تنبيه:

ومن فقه مالك - رحمه الله - أنّ جعل حديث ابن عبّاس بعد حديث ابن عمر؛ لأنّه عندي مفسِّرٌ له ومبيِّنٌ لمعنى قولِه - صلّى الله عليه وسلم -: "فَاقْدُرُوا لَهُ" في حديث ابن عمر، وكان ابن عمر يذهب في معنى قوله: "فَاقْدُرُوا لَهُ" مذهبًا خلاف ما ذهب إليه مالك، والّذي ذهب إليه مالكٌ هو الّذي عليه الجمهور من الفقهاء والعلّماء، وهو الصّحيح إنّ شاء الله.

(١) ب: "فتركبت".
(٢) البقرة: ١٨٣.
(٣) في الموطّأ (٧٨١) رواية يحيى.
(٤) الّذي رواه مالكٌ في الموطّأ (٧٨٣) رواية يحيى.
(٥) هذا السطر مقتبس من الاستذكار: ١٠/ ٨.
(٦) في الاستذكار: "لعكرمة".
(٧) في صحيحه (١٠٨١).
(٨) في صحيحه (١٩٠٦).
(٩) كالإمام أحمد: ٢/ ٦٣، والدارمي (٦١٩١) وغيرهما.