فالّذي عليه الجمهور من الفقهاء من أصحاب مالكٌ؛ أنّ عليه الكفَّارة عنهما.
وقال ابن سحنون: لا كَفَّارَةَ عليها ولا عليه عنها، ورواه ابنُ نافع عن مالك في "المدنية".
فإذا قلنا: يكفر عنها، فقد قال المُغِيرَة: يُكَفِّر عنها بعِتْقٍ أو إِطْعَامٍ، والولاء لها. والّذي عندي؛ أنَّه يُكَفَّر عنها بما أَمْكَنَ؛ لأنَّ دِينَ اللهِ يُسْرٌ.
باب ما جاء في حِجَامَةِ الصَّائِمِ
الأحاديث في هذا الباب ثلاثة:
أمّا حديث ابن عمر (١)، فصحيح.
وأمّا حديث سعد بن أبي وقّاص (٢)، فإنّه حديثٌ مُنْقَطِعُ السَّنَدِ (٣).
وأمّا الحديث الثّالث؛ قوله: فهو (٤) "أَفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ" (٥) فإنّه حديث ضعيف، انْفَرَدَ به داود بن الزبرقان، وهو متروك الحديث، عن محمّد بن جُحَادَة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -.
وقال يحيى بن مَعِين: لا يصحُّ في هذا الباب حديثٌ عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -.
الفقه في أربع مسائل:
المسألة الأولى (٦):
اختلف النّاسُ في حِجَامَةِ الصَّائمِ، فذهب جماعة إلى أنّه يُقْضَى بِفِطْرِ الحَاجِمِ والمحجوم، منهم أحمد بن حنبل (٧)، للحديث المَرْوِيَّ: "أَفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ" وهذا ضعيفٌ أَيْضًا.
(١) في الموطّأ (٨١٨) رواية يحيى.
(٢) في الموطّأ (٨١٩) رواية يحيى.
(٣) انظر الاستذكار: ١٠/ ١١٨.
(٤) "فهو" زيادة يقتضيها السّياق.
(٥) روي من طرق كثيرة منها ما رواه رافع بن خديج، أخرجه عبد الرزّاق (٧٥٢٣)، وأحمد: ٣/ ٤٦٥، والترمذي (٧٧٤).
(٦) انظر المسألة الأولى من هذه المسألة في القبس: ٢/ ٥٠٣، والباقي مقتبسٌ من المنتقى للباجي: ٢/ ٥٦.
(٧) انظر الشرح الكبير لابن قدامة: ٧/ ٤٢١.