هذه المسألة الصّحابة: ابن عمر وأبو هريرة وابن عبّاس وسِوَاهم، فكان أبو هريرة يقول: يقضي مُتَفَرِّقًا، وهو الّذي شَكَّ فيه مَالِك.
وقد احتجَّ مجاهد بقراءة أُبَيّ بن كعب: "فصيام ثلاثة أيام متَتَابِعَات" (١).
ورُوِيَ عن عائشة؛ أنّها قالت: نزلت "فعِدَّةٌ من أيَّامٍ أُخَر مُتَتَابِعَاتٍ" ثم سقط قوله: "متتابعات" (٢) تريد من المُصْحَف، وقد بيَّنَّا في هذا الكتاب في باب الكلام على الصّلاة الوُسْطَى؛ أنّ القراءة الشَّاذَّة لا تُوجِبُ حُكْمًا، وأنّها لا تلحق بالقياس، فكيف بخبر الواحد! لأنّه إذا سقط أصلها فأَوْلَى وأَحْرَى أنّ يسقط حكمها.
المسألة الخامسة (٣):
إذا أسلمَ الكافِرُ في بعض يومٍ:
قال ابنُ القاسم وجماعة: يلزمه الإمساك عن الأكل.
وقال آخرون: يجوز له الأكل، وهو الصّحيح؛ لأنّ الله قد أسقط عنه بعض اليوم بإسلامه، وإذا سقط البعض سقط الكُلُّ؛ لأنّه لا يتجزَّأ.
اعتراض (٤):
فإن قيل: يلزمكُم على هذا أنّه إذا قال الرَّجُل لزوجته: أنت طالق، فإنّه يلزمه نصف طلقة أو نصف يوم، يكملُ عليه الجميع عَدَدًا وزَمَانًا.
قلنا: هاهنا ألزم (٥) نفسه البعض ممّا لا يتجزّأ، فلزمه (٦) الجميع إذا لم يسقط عنه أخذ الباقي، والكافرُ بإسلامه والتزامه للشرائع، قد أسقط عنه* الّذي التزم له نصف اليوم، فلا سبيل إلى أنّ يعود إليه ما أسقط الله عنه* (٧)، فصار يومًا لا أَثَرَ له في حَقِّه، فلم يتعلّق به حكم من أحكامه.
(١) أخرجه مالك في الموطّأ (٨٤٤) رواية يحيى.
(٢) أخرجه الدارقطني: ٢/ ١٩٢، والبيهقي: ٤/ ٢٥٨.
(٣) انظرها في القبس: ٢/ ٥٢٢.
(٤) انظره في المصدر السابق.
(٥) في القبس: "لزم".
(٦) غ: "فألزمه".
(٧) ما بين النجمتين ساقط من النسختين بسبب انتقال نظر ناسخ الأصل، واستدركنا النقص من المنتقى.