نُسُكِهِ (١)، عامدًا أو غير عامدٍ، فعليه الدَّم.
وقال الشّافعيّ: لا دَمَ عليه.
والدليل على ما نقوله: أنّ هذا ترَكَ واجبًا في الحجِّ، فلم يسقُط عنه وجوبه إلى غير بَدَلٍ، كالمبيت بالمُزْدَلِفَة.
فإن سلَّموا وجوبَ التَّلبية، وإلَّا فالحديث حُجَّةٌ عليهم؛ لأنَّ ظاهر الأمر الوجوب.
المسألة الثَّالثة (٢):
وأمّا رفع الصّوت بها، فوجهه: أنّ التَّلبية (٣) من شعائر الحجِّ، فكان من سنّتها الإعلان، ليحصلَ المقصودُ منها كالأذان.
وليس عليه أنّ يرفع صوته حتّى يشقّ على نفسه، ولكن على قَدْر طاقته، وليس على المرأة ذلك لأنّها عورة (٤).
المسألة الرَّابعة (٥):
قوله (٦): "لا يرفعُ صوته في مساجد الجماعات" هو كما قالا، إنّه لا يرفع صوتَه بالإهل الّذي غير مسجد مِنىً والمسجد الحرام، وذلك هو المشهور من مذهب مالك (٧).
ورَوَى ابنُ القصّار (٨)؛ أنَّ ابنَ نافع، رَوَى عن مالك؛ أنَّه قال (٩): يرفع صوتَه
(١) العبارة وتتمّتها كما في المنتقى: " ... للحاج تعمّد تركها ... نُسُكِهِ ومتى تركه في جميعه".
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢١١.
(٣) في المنتقى: "لما كانت التّلبية" وهي أسدّ.
(٤) أي صوتها عورة، وعبارة المنتقى: " ... لأنّ النِّساء ليس شأنّهنّ الجهر؛ لأنّ صوت المرأة عورة"، ولعلّ عبارة البوني في شرحه للموطَّأ ألطف وأسلم، يقول رحمه الله: "وليس على النِّساء رفع الصوت بالتلبية، ولتسمع المرأة نفسها؛ لأنّ صوتها من محاسنها، وممّا ينبغي لها أنّ تجتنبه ما استطاعت، لئلا يفتتن بها من يسمعها" اللوحة: ٥٤/ ب.
(٥) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢١١.
(٦) أي قول مالك في الموطَّأ (٩٤٠) رواية يحيى.
(٧) انظر النّوادر والزيادات: ٢/ ٣٣٢.
(٨) كما في عيون المجالس: ٢/ ٧٩٨.
(٩) "قال" زيادة من المنتقى وعيون المجالس.