أصوله:
قوله (١): "العُمرَةُ إلى العُمرة كفَّارةٌ لما بينهما" "ما" من ألفاظ العموم، فيقتضي من جهة المعنى تكفير جميع ما يقع بينهما إِلَّا ما خَصَّه الدَّليل.
وقال الإمام: قوله: "كفَّارَةٌ لِمَا بينهما" إنّما يريد بذلك الصّغائر لا الكبائر.
فإن قيل: بأيِّ دليلِ تخصّه بالصّغائر؟
قلنا: الحديثُ الصَّحيح؛ قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "الجمعةُ إلى الجمعةِ كفَّارةٌ لما بينهما ما اجْتُنِبَتِ الكبائرُ" (٢).
فإن قيل في قوله: "الحجِّ المبرورُ" وما هو؟
قيل: هو الّذي لا يعصي الله بعده أبدًا، ولا يلمّ بذَنْب.
وفيه وجه ثان: وهو الّذي لم يرفث ولم يفسق، وسلم وقتَ الحجِّ من ذلك، وتمادَى عليه إلى أنّ لَقِيَ الله وهو غير عاص، فذلك هو الحجّ المبرور.
الفقه في ثلاث مسائل:
الأولى:
اختلف العلّماء وفقهاء الأمصار في العمرة هل هي سنّة مؤكّدة أو واجبة؟
فعندنا: إنّها سنّة مؤكّدة (٣)، وبه قال أبو حنيفة (٤).
وقال الشّافعيّ (٥): إنّها واجبةٌ، واستدلّ على وجوبها بالآية، قوله تعالى:
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (٦) وهو أمرٌ، والأمرُ على الوجوب.
واستدل أيضًا بحديث جبريل، وهو قوله للنّبيِّ -عليه السّلام-: "أنّ تحجَّ وتعتمرَ وتغتسلَ من الجَنَابَةِ" (٧).
(١) هذه الفقرة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢٣٤.
(٢) أخرجه أحمد: ٢/ ٤٨٤، ومسلم (٢٣٣)، والترمذي (٢١٤)، وابن خزيمة (٣١٤، ١٨١٤)، وابن ماجة (١٠٨٦)، وابن حبّان (١٧٣٣) عن أبي هريرة.
(٣) انظر التّفريع: ١/ ٣٥٢.
(٤) انظر مختصر الطّحاوي: ٥٩، ومختصر اختلاف العلّماء: ٢/ ٩٨.
(٥) في إلّاَم: ٣/ ٣٢٥ (ط. فوزي).
(٦) البقرة: ١٩٦.
(٧) أخرجه ابن خزيمة (١)، وابن حبّان كما في موارد الظّمآن (١٦)، والدارقطني: ٢/ ٢٨٢ وغيرهم.