قال القاضي: إنّما ذلك قياسًا على الكفّارة في قتل النّفس؛ لأنّهم لا (١) يختلفون في وجوب الكفّارة على كلِّ واحد من القاتِلِينَ المشتركين في قتل النَّفْس خطأ كفّارة كاملة، ومَنْ جعلَهُ (٢) جزاءً واحداً قاسَهُ على الدِّيَةِ.
المسألة الحادية عشرة (٣):
قال القاضي: وعُمْدَةُ هذا الباب أنّ العلّماء متَّفقون على أنّ قتل المُحْرِم للصَّيد حرامٌ وعليه جزاؤه، وأكلُه عليه حرامٌ، وهم مختلفون فيما صاده الحلال، هل يحلُّ للمُحْرِم أكلُه أم لا، على أربعة أقوال:
القول الأوّل: أنّ أكل الصَّيد حرام على المُحْرِمِ بكلِّ حال، على ظاهر قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} الآية (٤)، فلم يخصّ أكلًا من قتلٍ؛ لأنّ (٥) طائفة قالوا: لحم الصّيد مُحَرَّم على المُحْرِمِين على كلّ حال، ولا يجوز للمُحْرِمِ أكل صيد البتَّهً (٦). وكان ابنُ عبّاس يقول: هي مبهمة (٧). وكان عليّ وابن عمر لا يريان أكل الصّيد للمُحْرِم (٨).
وقيل: إنَّ ما صَادَهُ الحلالُ جازَ لمن كان حلالًا في حال اصطياده أكله، بنحو ما كان وقت اصطياده مُحْرِمًا أو غير مُحْرِمٍ.
الثّالث: أنّ ما صاده المُحْرِمُ لنفسه جاز لغيره من المُحْرِمِين أكلُه، ولم يجز ذلك له وحده.
الرّابع: أنّ ما صِيدَ للمُحْرِم لم يجُز له ولا لغيره من المُحْرِمِين أكلُه.
(١) "لا" زيادة من الاستذكار يقتضيها السِّياق.
(٢) كالإمام الشّافعيّ وأحمد وإسحاق وغيرهم.
(٣) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ١١/ ٢٨١، ٢٧٥، ٢٨٢.
(٤) المائدة: ٩٦.
(٥) لعلّ الصواب: "إِلَّا أنّ".
(٦) في الأصل: " أكل الميِّتة" وهو تصحيف، والمثبت من المنتقى.
(٧) في الأصل: (ميتة) وهو تصحيف، والمثبت من المنتقى، وقول ابن عبّاس أخرجه عبد الرزّاق (٨٣٣٠).
(٨) ما دام مُحْرِمًا.