المأخذ الرَّابع (١): في قوله تعالى: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} الآية (٢).
نزلت هذه الآية في غزوة الحُدَيْبِية (٣)، أحرم بعضُ النَّاس مع النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - وبعضُهم لم يُحْرِم، فكان إذا عرضَ صَيْدٌ اختلفت أحوالهم وأفعالهم، واشتبهت أحكامُه عليهم، فأنزل اللهُ تعالى هذه الآية بيانًا للحكم.
واختلف العلّماء في المخاطب بهذه الآية؟
فقال قوم (٤): هم المحلُّونَ.
وقيل: إنّهم هم المحرمون، قاله ابن عبّاس وغيره.
وقال قوم: الأصلُ في الصَّيْد التّحريمُ لا الإباحة (٥)، وهذا ينعكس فيقال: الأصل في الصّيد الإباحة والتحريم فرعه على التّرتيب، ولا دليل يرجِّحُ أحد القولين.
وقوله: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} (٦) حُكْم الآية بيان لحُكْم صِغَار الصَّيْد وكباره.
قال مالك: كلّ شيء (٧) ينالُه الإنسانُ بيده أو رمحه أو بشيء من سلاحه يقتله فهو صَيْد.
وقال مالك: يحلّ صيد الذّميّ، وأمّا صيد المجوسيّين فلا يحلّ إجماعًا (٨).
الفقه في ثلاث مسائل:
المسألة الأولى (٩):
قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (١٠) في المنظر والبدن. فقال مالك وعلماؤنا: المِثْلُ النَّظير من النَّعَمِ.
(١) انظره في أحكام القرآن: ٢/ ٦٦١ - ٦٦٢.
(٢) المائدة: ٩٤.
(٣) انظر تفسير البغوي: ٣/ ٩٦.
(٤) صرّح المؤلّف في الأحكام بأنّ القائل بهذا هو الإمام مالك.
(٥) في الأحكام: " ... التحريم، والإباحة فرعُهُ المرتّبُ عليه".
(٦) المائدة: ٩٤.
(٧) "كلّ شيء" زيادة من الأحكام.
(٨) انظر المدونة: ١/ ٤١٨ في صيد المرتدّ وذبح النصارى لأعيادهم.
(٩) هذه المسألة مقتبسة بتصرُّف من الاستذكار: ١٢/ ١٦ - ١٩.
(١٠) المائدة: ٩٥.