على مداواتها إلّا بتقليم الأظفار، فإنّه يُقَلِّمُها ويفتدي، وبه قال مالك.
ووجه ذلك: أنّ الضَّرر يُبيحُ (١) له تقليم الأظفار، إِلَّا أنّه لمّا لم يكن الضَّرَرُ من جهة الظُّفْر، لزمته الفِدْيَة.
وأمّا إنَّ قَلَّمَها لغير ضرورة، فقد ارتكب المحظور، وتجب عليه بذلك الفِدْيَة، سواءٌ فعلَ ذلك جاهلًا أو عامدًا أو ناسيًا.
ووجه ذلك: أنَّه من إماطة الأذى المعتاد وإلقاءِ التَّفَثِ، وذلك محظورٌ على المُحْرِمِ، كحَلْق الرَّأس.
المسألة التّاسعة (٢):
"أَيَقْطُرُ فِي أُذُنَيْهِ مِنَ الْبَانِ الَّذي لَمْ يُطَيَّبْ" (٣) هو كما قال، وذلك أنّ استعمال الذُّهْن الّذي ليس بمُطَيّب يكون في ثلاثة مواضع.
أحدها: أنّ يستعمله في باطن جَسَدِه ممّا لا يظهر، كتقطيره (٤) في الأذن والاستنشاق (٥) به والمضمضة، فإنّ ذلك كلّه جائز للمُحْرِمِ أنّ يفعله، ولا شيء عليه فيه؛ لأنّه بمنزلة أكله إياه.
الثّاني: أنّ يستعمله في ظاهر جسده غيرِ باطن يَدَيْه وقدَمَيْه، فهذا ممنوع، فإن فعل ذلك فعليه الفِدْيَةُ عند مالك وأصحابه، قال ابنُ حبيب - وقد رَوَى عنه إباحة ذلك-: وبه أخذ اللّيث (٦).
ووجه قول مالك: أنّه (٧) إزالة الشّعثِ؛ لأنّ ممّا يفعله المحلّل كالمتنظّفِ في الحمام.
ولو دهَنَ به عضوًا من جسده، وجبت عليه الفِدْيَة، إذا كان ما دهنه من جَسَدِه موضعًا له بالٌ، فإنْ لم يكن إلّا شيئًا يسيرًا، فلا شيء عليه؛ لأنّ إزالة الشَّعث لا تحصل إلّا بذلك.
(١) في المنتقى: " أنّ الضّرورة تبيح".
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢٦٧.
(٣) هذا من قول مالك في الموطّأ (١٠٣٧) رواية يحيى، بلفظ: "أذنه".
(٤) في الأصل: "كتقطير" والمثبت من المنتقى.
(٥) في المنتقى: "الاستعاط".
(٦) انظر النّوادر والزيادات: ٢/ ٣٥٢.
(٧) "أنّه" زيادة من المنتقى.