والأصل في ذلك: ما روى جابر عن النّبىّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه طاف سبعًا: رمل ثلاثًا، ومَشَى أربعًا، ثمّ قرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (١) ثمّ صلّى سجدتين عند المقام بينه وبين الكعبة، ثمّ استلم الرُّكْنَ، ثمّ خرج فقال: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (٢) فبدأ بما بدأ اللَّهُ به (٣).
فوجه الدّليل منه: أنّه - صلّى الله عليه وسلم - صلّى بعد طوافه ركعتين، وأفعالُه على الوجوب.
المسألة الثَّانية (٤):
قال (٥): فمن تركهما، أعاد الطّواف، ثمّ أتى بهما بعدُ عَقِب الطّواف وسعى (٦)؛ لأنّ ذلك من سُنَّتِها مع التّمكين (٧) منه.
فإنْ لم يركعها حتّى رجع (٨) إلى بلده وهي:
المسألة الثَّالثة (٩):
قال مالك: عليه هَدْيٌ (١٠).
وقال الثَّوريُّ: يركعهُما حيث شاء، ما لم (١١) يخرج من الحَرَمِ.
وقال الشّافعيُّ (١٢): يركعهما حيث ما ذكرَ من حلٍّ أو حَرَمٍ، وبه قال أبو حنيفة (١٣).
وحُجَّة مالك في إيجاب الدَّمِ: قول ابن عبَّاس: "مَنْ نَسِيَ شيئًا من نُسُكِهِ فَلْيُهْرِقْ
(١) البقرة: ١٢٥.
(٢) البقرة: ١٥٨.
(٣) أخرجه أحمد: ٣/ ٣٩٤، والترمذي (٨٥٦)، والنّسائي: ٥/ ٢٢٨، ٢٣٦.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢٨٨.
(٥) القائل هو أبو الوليد الباجي.
(٦) في الأصل: " ... الطّواف وسعى ... عقب الطّواف" والمثبت من المنتقى.
(٧) في المنتقى: "التمكن".
(٨) في الاستذكار: "يرجع".
(٩) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ١٢/ ١٧٠.
(١٠) انظر المدونة: ١/ ٣١٨.
(١١) في الأصل: "وما" وقد أسقطنا واو العطف بناء على ما في الاستذكار.
(١٢) انظر الحاوي الكبير: ٤/ ١٥٤ أو قال العمراني في البيان: ٤/ ٣٠١ "فإن لم يصلهما حتّى رجع إلى بلده؟ قال الشّافعيّ: صلاهما وأراق دَمًا، قال أصحابنا: إراقة الدَّم مستحبة لا واجبة".
(١٣) انظر: كتاب الأصل: ٢/ ٤٠٣، ومختصر اختلاف العلماء: ٢/ ١٣٥.