كان يُشَبِّر (١) ظلّه ثلاثة أشبار، ثمّ يرمي، وقام عند الجمرتين قَدْرَ سورة "يوسف". وقد رُوِي قدر سورة "البقرة" (٢). وقد رُوِي قَدْرَ سورة "آل عمران".
قال القاضي: ولا توقيت في ذلك عند الفقهاء، وإنّما هو ذِكْرٌ ودُعاءٌ.
وكان ابن عمر يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةِ (٣)، وقد رُوِيَ عنه أنّه كان يقول حين يرمي الجمرة: اللَّهمّ اجعله حَجًّا مبرورًا، وذَنْبًا مغفورًا (٤).
سُئِلَ مَالِكٌ (٥): هَلْ يُرْمَى عَنِ (٦) الصَّبِيِّ وَالمَرِيضِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَيتَحَرَّى المَرِيضُ حِينَ يُرْمَى عَنْهُ فَيُكَبِّرُ وَهُوَ في مَنْزِلهِ وَيَهْرِقُ دَمًّا، فَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ فِي أيَّامِ التَّشريق رَمَى الَّذي رُمِيَ عَنْهُ ويهدي.
ولا يختلفون أنّه إذا لم يستطع الرَّميَ لمرضه (٧) رُمِيَ عنه، وإن كَبَّرَ كما قال مالك (٨) فَحَسَنٌ، ولو قدر أنّ يحمل حتّى إذا قربَ من الجمار وضعَ الحَصَى في يده ثمّ رَمَى لها كان حَسَنًا، فإن لم يقْدِر ورَمَى عنه غيرُه أجزأه بإجماعٍ.
واختلفوا فيما يلزمُه إنَّ صحّ في أيّام الرَّمْيِ، وكان رمى عنه بعض أيّام الرَّمْي.
فقال مالك ما تقدّم، والهَدْيُ الّذي يلزمه عنده، لا بد أنّ يُخْرَج به إلى الحِلِّ، ثمّ يُدْخَل به الحرم، فيذبحُه ويُطعِمُه المساكين.
وقال الشّافعيّ (٩): إذا صحّ في أيّام الرَّمْيِ رَمَى عن نفسه ما رُمِيَ عنه، فإن مضت أيّام الرَّمْي فلا شيء عليه، قال: فإن لم يُرْمَ عن الصَّبِىِّ حتّى مضت أيام الرَّمْي * أهريق عن كلّ واحد منهم دَمٌ.
(١) في الأصل: "يمشي" وفي الاستذكار: "يستر" والصّواب هو ما أثبتناه بناء على ما نقله العيني في عمدة القارئ: ١٠/ ٩١ حيث قال: "كان ابن عمر يُشَبِّرُ ظلّه"، والرواية أخرجها الفاكهي في أخبار مكّة: ٤/ ٣٠٢ (٢٦٧٥).
(٢) أخرج هذه الرِّواية الفاكهي في أخبار مكّة: ٤/ ٣٠٢ (٢٦٧٦).
(٣) أخرجه مالك في الموطّأ (١٢١٢) رواية يحيى.
(٤) رواه ابن أبي شيبة (٢٩٦٥١).
(٥) في الموطّا (١٢١٧) رواية يحيى.
(٦) في الأصل: "على" وهو تصحيف، والمثبت من الاستذكار والموطّأ.
(٧) في الاستذكار: "لعذر".
(٨) في الموطّأ (١٢١٧) رواية يحيى.
(٩) في الأمّ: ٣/ ٥٥٨ (ط. فوزي).