باب العمل في غسل الشهداء
الفقه في ثلاث مسائل:
المسألة الأولى:
قال علماؤنا: الشّهداء ثمان، سبعةٌ يُغسَلُونَ ويُكَفَّنون ويصلّى عليهم، إِلَّا المقتول في سبيل الله، ففيه ثلاثة أقوال:
القول الأوْل: أنّه إن مات في المعترك فإنهه لا يُغَسَّل ولا يصلَّى عليه.
الثّاني: وإن حُمِلَ إلى داره بعد أنّ أجهز عليه في المُعْتَرَكِ، وماتَ بعد ذلك بأيّامٍ، لم يغسل ولا يصلَّى عليه أيضًا
الثّالث: إنَّ جُرِحَ وحمل إلى داره ولم ينفذ مقاتله فمات، غُسِلَ وَصُلَّيَ عليه.
الأصلُ فيه: أنّ كلَّ موضعٍ تجبُ فيه القسامةُ فإنّه يغسل ويصلَّى عليه، وكلّ موضعٍ لا تجبُ فيه القسامة وإنمّا يَجِبُ فيه القَوَدُ لا يغسل ولا يصلّى عليه.
وقال بعض البغداديين: الشُّهداءُ عشرة: ثمانيةٌ يصلّى عليهم وَيُغسَلُون، واثنانِ لا يغسلان ولا يصلّى عليهما، في كلام طويل بيّنَاه في "كتاب الجنائز".
المسألة الثّانية (١):
قول ابن عمر (٢): "غُسِّلَ وَكُفِّنَ" يريد: غسل الميِّت المشروع، وقد تقدَّم في "الجنائز"كيفيتُه. وأنّ الشّهادة فضيلة تسقط فرض الميَّت واستئناف كفنه، وتسقط الشّهادةُ فرضَ الصَّلاة عليه، وبه قال الشّافعيّ (٣).
وقال أبو حنيفة: لا يغسل الشّهيد ولكن يصلّى عليه (٤).
(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢١٠.
(٢) فى الموطَّأ (١٣٣٣) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٩٣٧)، والشّافعيّ في مسنده:
٣٥٦، ومعن بن عيسى عند ابن سعد في الطبقات: ٣/ ٣٦٦.
(٣) انظر الوسيط للغزالي: ٢/ ٣٧٧.
(٤) انظر الحجة على أهل المدينة: ١/ ٣٥٩، وتحفة الفقهاء للسمرقندي: ١/ ٢٦٠.