الفائدةُ الخامسة:
قول أبي بكر الصّديق: "مَا عَلَى مَنْ يُدْعَى مِنْ هَذِهِ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ" يقول: ما على من يُدعى من بابٍ واحدٍ من كلَّ هذه الأبواب من ضرورة، وقد فاز ونجا (١)، وهذا لا يكون - والله أعلَم - إلَّا لمن جاهد في سبيله، وأنفق ذلك في مرضاته، ولزم الثّغر للرّباط، والحرس للمسلمين والحوطة عليهم، وكان عبد الله بن المبارك ينشد في ذلك (٢):
كُلُّ عَيَشٍ قد أَرَاهُ نَكِدَا ... غَيْرَ رُكْنِ الرُّمْحِ في ظِلِّ الفَرَسْ
وَقِيَامٌ فِي لَيَالِي الدُّجَى ... حَارِسًا للِنَّاسِ في أَقْصَى الحَرَسْ
أَرْفَعُ الصَّوْتَ بِتَكْبِيرٍ بلا ... صَخَبٍ فِيهِ وَلَا صَوْتِ جَرَسْ
بابُ إحراز من أسلَمَ منُ أهل الذِّمَّة أرضَه
قوله (٣): "مَنْ أَسْلَمَ" يريد: من أسلم من أهل الصُّلْحِ، قال به جماعة الفقهاء (٤).
قال الإمام: هذا بابٌ عظيمٌ تَفَطَّنَ له مالكٌ في أن سَاقَهُ في كتاب الجهاد، ولم يسقه في باب الجزية في الزَّكاة؛ لأنّ فيه فقهًا عظيمًا، وفي ذلك خمس مسائل (٥):
(١) الشرح السابق مقتبس من تفسير الموطَّأ للبوني: لوحة ٧٠/ ب.
(٢) ديوان ابن المبارك: ٥٠، وهو مطلع القصيدة.
(٣) أي قول مالك في ترجمة الباب.
(٤) منهم ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١٢/ ٥٢٣ (ط. هجر) والباجي في المنتقى: ٣/ ٢١٩.
(٥) اقتبس المؤلِّف عناوين هذه المسائل من المنتقى: ٣/ ٢١٩.