ووجه قول مالك: أنّ في إلزامِهِ السِّجنَ منعًا له ممّا لم ينته عنه بالحدِّ.
ووجهُ قولِ ابن الماجشون: أنَّ الحدَّ يأتي على جميعِ ذلك وعلى ما يجب عليه (١).
المسألةُ الرّابعةُ: في تكرار الحدِّ (٢)
فهذا تكرَّرَ منه شرب الخمرِ لَزِمَهُ حدٌّ واحدٌ، فإن شربه بعد ذلك لَزمَهُ حدَّانِ، قاله
مالك وأصحابُه، ولا نعلمُ بينهم في ذلك خلافًا (٣)، وذلك أنّ هذا الحكمَ من حقوق الله،
فمتَى فعلَهُ أُقيمَ عليه الحدُّ، وأُخذ منه حقّ الله لمخالفته الأوامر وارتكابه المنهيّ (٣) عنه.
المسألةُ الخامسةُ: فيما يُسقِطُ الحدَّ عن شاربِ الخمرِ (٤)
فإنَّ الأعجمىَّ الّذي دخلَ في الإِسلامِ، ولا يعلمُ بتحريمِ الخمرِ، لا عُذرَ له، رواه محمّد (٥) عن مالك وأصحابه، إِلَّا ابن وهب فإنّ أبا زَيدٍ رَوَى عنه أنّه إذا كان البدويّ الّذي لم يقرأ الكتابَ ولم يعلمه فإنّه يُعذر.
قال محمّد: واحتجَّ مالكٌ لذلك: بأنّ الإِسلامَ قد فَشَا، ولا أَحَدَ يجهلُ شيئًا من الحدودِ.
فرع (٦):
ومن تأوّلَ في المُسْكِرِ من غير الخمرِ أنّه حلالٌ، فلا عُذرَ له ويُحَدُّ، رواه محمّد
= عن مالك: ١٦/ ٢٩١ بنحوه، وقد نقل ابن زيد في نوادره: ١٤/ ٣٠٨ قول ابن الماجشون عن العتبية.
(١) اختصر المؤلِّف -رحمة الله عليه - وجه قول ابن الماجشون اختصارًا شديدًا غَمُضَ معه المعنى، وعبارة الباجي هي كالتالي: "أنّ الحدّ في جميع ما يجب عليه بشرب الخّمْرِ أو الزِّنا، فأمّا السِّجن فلا يجب ذلك عليه بفعله، وإنّما يجب عليه بإدمان أو غيره من الإعلان بالفسق".
(٢) هذ. المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٤٥ بتصرُّف واختصار.
(٣) انظر التلقين: ١٥٢، والبيان والتحصل: ١٦/ ٣١٣.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٤٥.
(٥) انظر رواية ابن الموّاز في النّوادر والزيادات: ١٤/ ٣١١ - ٣١٢.
(٦) هذا الفرع مقتبسٌ من المنتقى: ٣/ ١٤٦.