وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (١) فيخرج من الآيتين خمسة أدِلَّةٍ (٢):
الدّليلُ الأوَّل: أنّه قال: إنّها رجْسٌ وهذه صفة المُحَرَّم.
والدّليلُ الثّاني: أنّه قال: {فَاجْتَنِبُوهُ} والأمرُ يقتضي الوجوب.
والدّليلُ الثّالثُ: أنّه وعَدَ على اجتنابها بالفلاح وهو البقاء، ولو كان الفلاح في الخّمْرِ مِنْ ثواب مَنْ لا يجتنبها لما كان لهذا الوعدِ وجةٌ.
والدّليل الرّابعُ: أنَّه تعالى وَصَفَها بأنّها تُوقِعُ العداوةَ والبغضاء، وتَصُدُّ عن ذكر الله وعن الصّلاة، وهذه صفة المحرّمات.
والدّليل الخامسُ: أنّه تعالى أوعدَ على مواقَعَتِهَا بقولِهِ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (٣) وهذا غاية الوعيد، ولا يُتَوَعَّد إِلَّا على محظور محرَّمٍ.
وأمّا الأدلّة من السُّنَّة: فما رُوِيَ عن ابنِ المنكدر، عن جابر، قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَليلُهُ حَرَامٌ" (٤).
ودليلُنا من جهةِ المعنى: أنّ هذا شرابٌ فيه شدَّة مُطْرِبَةٌ، فوجب أنّ يكون قليلُه حرامًا، أصلُ ذلك عصير العنب (٥).
وأصلُ المسأَلَةِ: أنّ التّحريمَ عندنا معلَّقٌ بجملة المُسْكِرِ، كتعليقه بألفاظ سائر
(١) المائدة: ٩٥ - ٩١، وانظر أحكام القرآن: ٢/ ٦٥٥ - ٦٥٨.
(٢) هذه الأدلة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٤٧ - ١٤٨.
(٣) المائدة: ٩١.
(٤) جاء في هامش جـ: "قد تقدّم له أي لابن العربي أنّ هذا الحديث غير صحيح".
قلنا: قال المؤلِّف في الأحكام: ٤/ ١١٥٤ خرّجه الدارقطني وجَوَّدَهُ" وانظره في السُّنَن: ٤/ ٢٥٥، وانظر صفحة: ٣٤٥ من هذا الجزء.
(٥) إلى هنا ينتهي الاقتباس من المنتقى.