ووجه ذلك: أنَّ اليمينَ بغيرِ اللهِ محظورٌ، فلم يَعْفُ عن الحَالفِ بها على وجهٍ من الوجوهِ.
وأمّا اليمينُ باللهِ تعالى* فَمُبَاحةٌ، لذلك دخلها التّخفيفُ والعَفْوُ عن لَغْوِها، وكذلك كلّ يمين كفّارتُها كفّارة اليمين* كالنَّذْر الّذي لا مَخْرَجَ له، وما جرى مجرى ذلك.
ويحتملُ أنّ يُريدَ أنّ اللَّغوَ قولُ الرّجلِ: لَا وَاللهِ، فيما يَعتقِدُ صحّتَة وإن كان الأمر خلافه، حسب ما ذهب إليه مالك.
ويحتملُ وجهًا ثالثًا، وهو أنّ يريدَ ما يجرِي في تراجُعِ النَّاسِ، من قولهم: لَا وَاللهِ، وبلى والله، من غير اعتقادٍ (١). وإلى هذا ذهب الأَبْهَرِيّ.
المسألةُ الثّانيةُ (٢):
قوله (٣): "وَعَقدُ الْيَمِينِ، أنّ يَحْلِفَ الرَّجُلُ ... " إلى آخر الكلام، هو كما قال.
قال القاضي - رضي الله عنه -: والأَيمَانُ على ضربين:
١ - يمينٌ على المستَقْبَلِ.
٢ - ويمينٌ على الماضي.
فأمّا الأوُلى: فلا يدخلها في قولِ مالك لا لَغوٌ ولا غَمُوسٌ، وإنمَّا يدخلها البرّ، فلا تجِب فيها كفّارة إِلَّا بالحِنْثِ.
وأمّا الثّانيةُ: فتنقسم قسمين:
١ - قسمٌ يقتضي المنعَ، مثل قوله: والله لا لبستُ هذا الثّوب، ولا أكلتُ هذا الخبزَ، فهذا إنَّ أَطلَقَ الفعل ولم يعلِّقه بوقتٍ ولا مكانٍ ولا صفَةٍ، منعتِ اليمينُ
(١) أي على أصل الدّلالة اللغوية من غير اعتقاد يمين.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المننقى: ٣/ ٢٤٣.
(٣) أي قول مالك في الموطَّأ (١٣٦٧) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٢٢٠)، وسويد (٢٧٠)